في ضوء الحالة الاقتصادي المتردية التي يعيشها المواطنون في قطاع غزة، نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض منذ أكثر من ثلاث سنوات، يثقل كاهل المواطن الغزي حالياً بكم كبير من الضرائب التي لا تعد ولا تحصى على الباعة والمحال التجارية وسائقي السيارات.
هذه الضرائب التي فرضتها حماس في غزة، تأتي في ظل أزمة مالية خانقة تعصف بها نتيجة منع التهريب عبر الأنفاق والنجاحات التي يحققها الأمن المصري على الحدود الجنوبية مع قطاع غزة، حسبما يفيد مواطنون في القطاع.
يقول المواطن مصطفى صاحب محال بقالة في غرب مدينة غزة، 'جاءت مجموعة مسلحة بزي الشرطة وشاهدوا علب السجائر بعضها مجمرك وغير مجمرك، وقالوا لي وين الدخان هذا(غير مجمرك) وداهموا المخزن وحملوا كل الدخان بدون إنذار'.
وتساءل 'ليش اخذتوه؟ ايش المطلوب؟ قالوا بدك تضع على كل علبة دمغة عندنا ونرجعلك اياها، لكن حتى الان ما رجعوا السجائر، بياخذوها وببيعوها'، علاوة على ذلك يقول 'اجانا افراد من الدفاع المدني ومن البلدية والصحة كلهم بطالبوني ارخص، وانا محلي صغير، البلدية تريد الف ومائتي شيقل وهكذا الدفاع المدني والصحة، واكثر من ذلك يريدون مني اعمل كمسيون طبي، شو والله لو بدهم يوظفوني ما طلبوا مني ذلك!!'.
وأضاف 'هؤلاء جماعة بدهم مصاري بأي طريقة، غرقانين ومش عارفين يطلعوا من الوحل الغايصين فيه وبرموا كل هذا الحمل على المواطن الغلبان'، موضحاً أنهم 'بيكابروا أنهم بيعيشوش في أزمة مالية، لكن الحقيقة ستظهر جلية للناس آجلاً أم عاجلاً'.
وفي سوق الزاوية قام موظفون تابعون لحماس، بحملة دهم وتفتيش لفرض ضرائب على بسطات الخضار ومحلات العطارة بالقوة.
يقول التاجر أبو أمين وهو يتكئ على كرسي من الخشب القديم في السوق، رداً على فرض الضرائب، 'لمين بياخدوا الضريبة بيضوا شارع ولا بيسفلتوا طريق ولا بيحطوها بجيبهم(في اشارة الى حماس!!'.
ويتساءل 'إذا مش عارفين يدخلوا المصاري على غزة، بدهم المواطن يدفع الثمن، طيب المواطن مغلوب على أمره وكل الطرق مقفلة في وجهه، يكفي ظلم للناس'، ويدعو ربه 'اللهم أضرب الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين، وتعجل فرجنا يا الله'.
ولم يسلم الأطفال المتجولون في الشارع، الذي يجمعون دراهم معدودة لمساعدة أسرهم التي أنهكها الحصار الإسرائيلي، من فرض الضرائب، إضافة إلى فرضها على سائقي السيارات الخاصة التي يمتلكها من تقطعت بهم السبل من نيل عمل هنا أو هنا من العمال داخل أراضي 48.
من جهتها سارعت الجبهة الشعبية، إلى دعوة حماس في غزة لوقف الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين، والممارسات والسلوكيات التي هدفها التشديد في تحصيل الجمارك والضرائب وفرض إجراءات ضريبية مستحدثة في مجملها.
واستنكرت الشعبية ما تقوم به حماس من إجراءات في الوقت الذي يستمر فيه الحصار الإسرائيلي الشامل وما ألحقته الحرب الإسرائيلية أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009 من دمار وخراب طال المنشآت الاقتصادية والبنى التحتية وتفشي البطالة، وزيادة عدد الأسر الفقيرة والمعدمة، والخسائر الباهظة التي شملت كافة الميادين الاقتصادية.
ومن بين المجالات التي ذكرتها الشعبية فرض ضريبة على المحلات التجارية الصغيرة، وأصحاب البسطات ومحلات الفلافل وتحويل سيارات الملاكي العاملة على الخطوط إلى سيارات عمومي 'أجرة' وفرض دفع مبالغ باهظة 'رسوم خط سير' على أصحاب السيارات، إضافة إلى فرض ضريبة نسبتها 60% على السجائر.
كما اتهمت الجبهة حماس بالاستيلاء على الشقق غير المسكونة والمملوكة لأشخاص بالخارج، وإعطائها لبعض عناصر أجهزتها والتضييق على المؤسسات الأهلية والتشدد في الإجراءات خارج إطار القانون، إضافة إلى مطالبة حماس بعض أصحاب الشقق السكنية في الأبنية التي أقيمت على أراضي حكومية، ومنحت بقرارات رئاسية سابقة بدفع ما بين 2500 -3000$ بدل ثمن الأرض.
كما تحدثت الجبهة عن قيام حماس بفرض ضرائب على الموازين في محالات البقالة والسوبر ماركت ومنع العديد من المواطنين من السفر خارج القطاع ومنع الأجهزة المعنية للعديد من المؤسسات والقوى من إقامة نشاطات وطنية داخل القاعات المغلقة، إضافة إلى التحقيق مع عدد من المواطنين بطرق غير قانونية وعنيفة وإهانة بعضهم أحياناً في مراكز المباحث والأمن الداخلي.
وقالت الجبهة: إن هذه الممارسات والضغوط التي تقوم بها أجهزة حماس في غزة من شانها إضعاف فكرة تعزيز صمود الشعب المنهك أساسا بفعل الحصار والإغلاق والانقسام الكارثي، وبالتالي فان زيادة الضغوط والأعباء على المواطنين في ظل هذا الواقع الاقتصادي والاجتماعي البائس سيّولد مشاكل وأمراض اجتماعية وسيساهم في اندفاع الشباب من جماهير شعبنا نحو الهجرة.
وطالبت الجبهة حركة حماس في غزة بوقف هذه الإجراءات والعمل على تخفيف المعاناة عن المواطنين، بما يعزز صمودهم على أراضيهم في مواجهة العدوان والإجراءات الإسرائيلية التي ترتكب بحق الشعب والقضية الفلسطينية.
بدورها قالت الجبهة الديمقراطية، إنها تنظر بخطورة بالغة للإجراءات التي اتخذتها حماس في غزة بفرضها الضرائب والجمارك على المواطنين والسلع وسيارات النقل الملاكي والمحال التجارية بما فيها المحدودة، التي تعيل أصحابها من أجل تأمين لقمة عيشهم في ظل تفاقم نسب الفقر والبطالة، وعدم توفر فرص عمل بفعل الحصار والإغلاق المفروضين على قطاع غزة.
واعتبرت الجبهة الديمقراطية فرض الضرائب على التجار وأصحاب المحال التجارية تمثل استهتاراً بالمواطنين وحالاتهم الاجتماعية بدلاً من توفير مقومات صمودهم في وجه الحصار والإغلاق والعدوان الإسرائيلي المتواصل على شعبنا.
وعلى إثر ذلك أدانت الجبهة الديمقراطية إجراء حماس في غزة بزيادة الضرائب والرسوم والسماح بإطلاق العنان للارتفاع الغير مسبوق في الأسعار مع ازدياد تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية.
ودعت إلى التحركات الشعبية والاحتجاجية السلمية لوقف تلك الإجراءات التي تضغط على كاهل الفئات الاجتماعية الفقيرة.
من ناحيتها مؤسسات ومراكز حقوق الإنسان الناشطة في القطاع، عبرت عن استيائها من فرض حماس على غزة الضرائب الباهظة على الباعة والمحال التجارية الصغيرة، وإثقال المواطنين بأعباء جديدة في ظل الإغلاق والحصار والحرمان من الحصول على لقمة العيش.
وسيبقى المواطن في غزة يعيش حالة من البؤس والشقاء، ما لم ينته الانقسام المقيت، الذي اضر بقضية شعبنا في كافة المحافل الإقليمية والدولية، وتعود الشرعية لإنصاف أبناء شعبنا الذين يتجرعون ويلات العذاب في قطاع غزة.