|
|
رفح : شبان يواصلون عملهم في الأنفاق لتحصيل لقمة العيش |
|
كتب محمد الجمل: لـم تثنهم الـمخاطر العديدة التي تحيط بهم عن مواصلة عملهم في باطن الأرض، ولـم تمنعهم قوافل الضحايا الـمتزايدة من ترك "مهنة الـموت". توجهوا منذ ساعات الصباح إلى الـمنطقة الحدودية، بعضهم كانت علامات القلق على وجهه وآخرون لـم يبد على ملامحهم شيء. منطقة الأنفاق التي شهدت وقوع أربعة قتلى دفعة واحدة قبل يومين عجت بالحركة وارتادتها الشاحنات وسمع فيها دوي آلات سحب البضائع وكأن شيئاً لـم يحدث.
مخاوف وضغوط الشاب محمود صالح من سكان شمال قطاع غزة كان يسير في شارع صلاح الدين متجهاً إلى الـمنطقة الحدودية حيث النفق الذي يعمل فيه، أكد أن عائلته مارست عليه ضغوطاً شديدة لترك العمل في الأنفاق خاصة بعد الحادثة الأخيرة، موضحاً أنه لـم يكترث لتلك الضغوط وآثر الخطر على أن يبقى بلا عمل. وأوضح صالح أن العديد من زملائه تعرضوا لضغوط مماثلة ومنهم من طلب من مالكي الأنفاق تغيير مواقعهم في العمل وآثروا نقل وسحب البضائع على الرغم من أن ذلك فيه مشقة أكبر من العمل داخل النفق. أما الشاب رائد سلامة والذي كان يغادر منطقة الأنفاق بعد أن أنهى ورديته الليلية، فأكد أنه حين خرج من النفق شعر وكأنه ولد من جديد، لافتاً إلى أنه سارع لـمهاتفة زوجته ليطمئنها. وأوضح سلامة (32 عاماً) أنه كره الأنفاق والعمل فيها ويتمنى أن يعثر على فرصة عمل تريحه وتريح أسرته القلقة. ولفت إلى أنه يتمنى أن يمهله القدر بضعة أشهر ليتمكن من جمع مبلغ من الـمال ليعمل في التجارة، معتمداً على علاقاته بمالكي الأنفاق.
أسلحة لـمواجهة الخوف الشاب "إبراهيم" الذي رفض ذكر اسمه كاملاً، أكد أن العقاقير الـمخدرة والـمهدئة خاصة "ترامال" باتت سلاح العاملين في الأنفاق لـمواجهة ما يعترضهم من مخاطر، لافتاً إلى أنهم "يتناولون جرعات منها قبيل النزول إلى النفق فينتابهم شعور بالسعادة وتتبدد مشاعر الخوف والقلق ويصبحون أكثر قدرة على العمل في ظل أجواء مفعمة بالخطر". ولفت "إبراهيم" إلى أن هذا السلاح يكون فعالاً خلال وجود الشبان داخل الأنفاق لكن حين عودتهم إلى منازلهم يبدؤون بالتفكير في الغد وما قد يتعرضون له من مخاطر". الشاب خليل عثمان أكد أنه يواجه الـمخاطر بالذكر والدعاء والابتهال إلى الله كي يخرجه من السراديب الـمظلـمة سالـماً. وأشار عثمان إلى أنه يستبق نزوله إلى النفق بالصلاة ولا يبدأ عمله إلا متوضئاً، لافتاً إلى أن ذلك يخفف من روعه ويمنحه السكينة. يذكر أن أربعة شبان لقوا حتفهم دفعة واحدة جراء تفجير أنفاق وتسرب غازات سامة قبل يومين، ليرتفع العدد الإجمالي لضحايا أنفاق رفح إلى نحو 155 قتيلاً ومئات الجرحى منذ بدء الحصار الإسرائيلي وشيوع ظاهرة الأنفاق قبل نحو ثلاث سنوات. |