بعد ليبيا .. مكالمة الموت تصل إلى مقديشو وتثير رعب الصوماليين 26-09-2010 فرضت شائعة غريبة، تتحدث عن موت بعض مستخدمي الهواتف الجوالة نتيجة تلقيهممكالمات من أرقام غير مألوفة، نفسها على الشارع الصومالي خلال الأيامالأخيرة، ولا سيما في العاصمة مقديشو.
وانتشرت هذه الشائعات – التي تتحدث عن مكالمات هاتفية قاتلة – بسرعة فيصفوف المواطنين في العاصمة الصومالية مقديشو، وشعر الكثير منهم بالخوف،لدرجة أن البعض منهم أحجم عن الرد على أي مكالمات من أشخاص ليسوا مسجلينعلى دليل هاتفهم.
ويجري حاليا تداول رسائل تحذيرية عبر الرسائل القصيرة في الهواتف الجوالة،مفادها بأن كل من يستقبل مكالمات من خارج البلاد عبر الهاتف الجوال لأرقامغريبة وغير مألوفة تظهر في الهواتف باللون الأحمر قد تؤدي إلى الوفاة علىالفور في حال الرد عليها نتيجة إصابته بصعقة كهربائية، وذلك بسبب تردداتقوية تحملها تلك الأرقام الغامضة.
وقد شغلت هذه الشائعة سكان مقديشو عن شجون السياسة والخلاف العميق القائمبين الرئيس شريف ورئيس الوزراء شارماركي، ذلك الخلاف الذي انتقل أيضا إلىالبرلمان الصومالي. وأيضا عن شؤون الحرب شبه اليومية التي تدور بين القواتالحكومية التي تدعمها قوات الاتحاد الأفريقي لحفظ السلام، ومقاتلي حركةالشباب المجاهدين المعارضة. ولا حديث يعلو على حديث هذه الشائعة خلالاليومين الماضيين. وجعلت هذه الشائعة سكان مقديشو يتفرغون ولو مؤقتالتناقل الأخبار عن هذا الخطر الذي قد يهدد حياتهم عبر الهاتف الجوال.
وقد وصلت الشائعة ذروتها، حين تناقلت بعض وسائل الإعلام المحلية نبأ وفاةعدد (غير قليل) من الأشخاص في ظروف غامضة بعد تلقيهم مكالمات هاتفية منمصادر مجهولة. وفي الوقت الراهن هناك حديث يجري في كل ناحية من نواحيالعاصمة مقديشو بشأن وجود حالات وفاة أو إصابة في صفوف المواطنين، نتيجةتلقيهم مكالمات من أرقام غامضة وغير مألوفة.
وتحدثت «الشرق الأوسط» إلى عدد من المواطنين في العاصمة مقديشو، الذين قالالبعض منهم إنه يشعر بالخوف بسبب هذه الشائعات، وأشار معظم من تحدثوالـ«الشرق الأوسط» إلى أنهم تسلموا عبر هواتفهم الجوالة رسائل تشير إلى عددمن الأرقام تحذر من الرد عليها في حال إذا كانت باللون الأحمر، بدعوى أنالمستقبل لهذا الاتصال قد يتعرض للوفاة في حال الرد عليها.
وقال محمد يوسف (32 عاما) إنه تلقى رسالة قصيرة من أحد زملائه يحذره فيهامن الرد على أي اتصال من أرقام مجهولة أو غير مألوفة، لا سيما إذا كانتباللون الأحمر. وأضاف أنه قام بدوره بتوجيه تلك التحذيرات إلى أفرادعائلته وأصدقائه.
أما محمد آسو (22 عاما) فقال إن هذه الظاهرة تواصل انتشارها بسرعة في الحيالذي يسكنه (بولو حوبي جنوب العاصمة)، وربما لم يتبق شخص واحد في الحي إلاوقد تلقى رسالة تحذيرية من صديق أو من بعض أفراد عائلته، تحذره من مغبةالرد على أي اتصال غامض. وأضاف آسو «أن أحد زملائه أصيب بصعقة كهربائيةأمس نتيجة تلقيه اتصالا من رقم مجهول». من جهته يصف عمر علي ظاهرةالمكالمات القاتلة أنها مجرد إشاعات من دون مصدر رسمي، وأن الإشاعة لاتصدق، على حد تعبيره.
ويرى الأستاذ داود مكران أستاذ علم النفس التربوي في جامعة مقديشو أنالمجتمع الصومالي أصبح أكثر استعدادا لتلقي الشائعات، بسبب كثرة وتنوعالتحديات الحياتية التي تواجهه، في ظل حالة عدم الاستقرار السياسي والأمنيفي البلاد. وأضاف «في مثل تلك الحالات يكون أي مجتمع يعاني من التوترالنفسي عرضة لتصديق كل ما يقال له من شائعات بشكل أكثر سهولة».
وبسبب تنامي هذه الشائعة وانتشارها في صفوف المواطنين، مما أدخل الرعب فينفوسهم، أصدرت شركات الهواتف الجوالة في مقديشو بيانا نفت فيه الأمر بشدة،وأكدت أنه أمر غير ممكن، وقال بيان مشترك أصدرته الشركات الكبرى للاتصالاتفي مقديشو («تيليكوم صوماليا»، «نتشنليك»، «هورمود للاتصالات»): «إن تلقيالاتصالات عبر الهواتف الجوالة من أي رقم كان لا يمكن بأي حال من الأحولأن يحدث أذى جسميا بالمتلقي أو أن يؤدي إلى الوفاة كما تروج تلك الشائعاتالتي ظهرت مؤخرا». وطمأنت شركات الاتصالات الكبرى في بيانها مستخدميالهواتف الجوالة التي تعود لهم بأن تلك الشائعات بهذا الشأن لا أساس لهامن الصحة على الإطلاق.
وأضاف البيان «أن الهاتف الجوال هو مستلم لذبذبات في نطاق محدود ولا يمكنمن خلاله إصدار أي ذبذبات قاتلة، كما نفت الشركات عن إمكانية وجود فيروسقد ينتقل عبر ذبذبات الهاتف إلى المستخدم له كما تروجه تلك الشائعات».وتابع البيان «الوفاة عبر الصعق الكهربائي بمكالمة الجوال إشاعة لا علاقةلها بالتكنولوجيا». مشيرا إلى أن هناك جهات قد تكون وراء انتشار وتسويقهذه الشائعة.
من جهتها نفت مصادر مستشفيات العاصمة مقديشو عن وصول حالات تعود لإصاباتحدثت نتيجة تلقي مكالمات مجهولة عبر الهاتف الجوال؛ لكن مصدرا مسؤولا منإحدى شركات الاتصال في مقديشو رفض الكشف عن اسمه أكد لـ«الشرق الأوسط»وجود فيروس في الهواتف الجوالة لبعض الشركات (دون أن يسميها)؛ لكنه قال«إن ذلك الفيروس ليس كما تروجه الشائعات بدرجة أنه قد يؤدي إلى أذى فيصفوف المستخدمين».
وتواترت شائعات مماثلة مؤخرا في عدد من دول المنطقة، من بينها كينيا، وأوغندا، والسودان، وجمهورية الكونغو.
ففي مدينة بنغازي، شرق ليبيا، تناقل الليبيين على نطاق واسع، ورود مكالماتدولية على الهواتف الجوالة للمواطنين تسبب نزيفا داخليا في الدماغ ثمالوفاة لمن يرد عليها، غير أن السلطات المحلية نفت «هذه الإشاعات الخارجةعن المنطق».
وكانت الإشاعات قد تجاوزت مدينة بنغازي ووصلت مع المسافرين إلى محافظةمطروح المصرية، على الحدود المجاورة لليبيا، مما أدى إلى حالة من الخوفبين المواطنين، والتدقيق في الأرقام الواردة على هواتفهم الجوالة قبل الردعلى أي اتصال.
وتقول الإشاعة إن مكالمات هاتفية لأرقام دولية يصاب من يرد عليها بصدمةكهربائية في الرأس وغياب كامل عن الوعي يؤدي إلى الموت المفاجئ.
ونقلت مصادر محلية في مدينة بنغازي، مركز الإشاعة، أن المسؤولين فيالمدنية نفوا بشكل رسمي الإشاعة المتداولة بخصوص ورود مكالمة دولية تسببللذي يرد عليها نزيفا داخليا في الدماغ وعلى أثرها يتوفى الشخص المصاب،كما حضوا الناس على عدم تصديقها، لأنه أمر لا يمكن أن يتصوره العقل.
واضطر مدير «مستشفى الجلاء» في المدينة، عبد الكريم القبايلي، إلى نفيالمعلومات الواردة حول وجود 14 حالة داخل المستشفى، مؤكدا، حسب المصادرالمحلية، أنها «إشاعات لا أساس لها من الصحة»، معربا عن أسفه الشديد لأنالناس يتقبلون إشاعات خارجة عن المنطق.
وعما إذا كانت مستشفيات المدينة قد استقبلت أيا من هذه الحالات، قال: «لايوجد في المستشفى أي حالة من الحالات المذكورة، ولم نستقبل حالات كهذه»،نافيا في الوقت نفسه وجود مصابين بمستشفيات أخرى في ليبيا، وعلق بقوله:«لو وجدت حالات فعلا لوردتنا اتصالات بشأنها».
وتحت ضغط الإشاعة أجرت عدة وسائل إعلامية في شرق ليبيا اتصالات بالمسؤولينالمحليين، من بينهم أمين اللجنة الشعبية بـ«الصحة» في مدينة بنغازي،الدكتور مصباح العوامي، الذي أجاب نافيا صحة ما ورد من إشاعات ووصفهابـ«الكاذبة»، بينما صرح مصدر مسؤول بالشركة المنظمة لخدمة الهواتف الجوالةفي ليبيا، فرع بنغازي، بأن الشركة لم تتلق أي تعليمات أو تنبيهات من قبلالإدارة تحذر بخصوص هذه الإشاعة، نافيا احتمال وقوع أي حالات وفاة أوإصابات بسبب الرد على أي مكالمة دولية أو محلية.