رغم حالة العداء السياسي المعلن بين طهران وتل أبيب فإن التجارة بينهما حتي وان كانت تتم بشكل غير مباشر وعبر دول أخري مثل اليونان وتركيا.
فإنها شهدت ازدهارا كبيرا خلال السنوات الأخيرة وإقبالا من المستورد الإسرائيلي علي البضائع والمنتجات الإيرانية خاصة الرخام والسجاد والفستق، إضافة إلي منتجات أخري مثل العطور والمنسوجات ومستحضرات التجميل.
وتأتي هذه التجارة من دول تصفها إسرائيل بأنها معادية مثل سوريا ولبنان ويستخدم الرخام الإيراني الذي يطلق عليه اسم الجوهرة ويأتي من مدينة أصفهان وتتعدد ألوانه بين البيج إلي الرمادي الداكن في تجميل وتزيين البنوك وقاعات الاحتفالات وفيلات الأحياء الراقية وهذا الرخام أصبح مطلوبا بكثرة من جانب المهندسين المعماريين في إسرائيل.. لكن كيف وصل إلي تل أبيب رخام من دولة ممنوع التعامل معها تجاريا طبقا للقانون الإسرائيلي، الإجابة هي أن ذلك يتم عن طريق دولة ثالثة هي تركيا، فألواح الرخام تصل داخل كونتينرات ومعها وثائق تركية وبذلك تمر بسهولة عبر الموانئ الإسرائيلية ورخام الجوهرة الإيراني اختارته المهندسة الإسرائيلية ميري كايزر منذ عشر سنوات حينما شرعت في تجهيز مبني الإدارة الجديد لبنك ليؤمي فقامت باستيراد آلاف الأمتار المربعة منه لتجميل المبني من الداخل والخارج بعد موافقة مسئولي البنك الذين سافروا معها إلي اليونان لاختيار ألواح الرخام التي سيتم شحنها إلي إسرائيل، في تلك الفترة أرسلت إيران كتل الرخام إلي مدينة دراما اليونانية وهناك تم تقطيعه إلي ألواح ثم نقل إلي إسرائيل، أما اليوم فيأتي هذا الرخام عن طريق تركيا.
وقد اشتهر رخام الجوهرة الإيراني بين التجار الإسرائيلين بأسم دراما ورغم معرفة جميع العاملين في بنك ليؤمي أن رخام البنك مصدره إيران، إلا أن الثابت في الأوراق علي غير الحقيقة أنه رخام يوناني اعتمادا علي أن عملية تقطيعه إلي ألواح تمت في مدينة دراما اليونانية، من ناحية أخري هناك احتمال ان المستورد الإسرائيلي استخدم كونتينرات يونانية وهوما جعل الجمارك الإسرائيلية تسجله كرخام يوناني مثلما يحدث اليوم مع رخام الجوهرة القادم عبر تركيا وبنك ليؤمي بالتأكيد ليس هو الوحيد، فهناك مئات المباني العامة والسكنية في إسرائيل مثل مباني شمال تل أبيب الفاخرة استخدمت هذا الرخام والجوهرة ليس هو الرخام الإيراني الوحيد في أسواق إسرائيل، فهناك أنواع أخري مثل جرافيت وأونيكس وغيرها تأتي هي الأخري من إيران لكن الذي يميز رخام الجوهرة أنه رخيص نسبيا ويكشف أحد مستوردي الرخام في تل أبيب أنه يتصل مباشرة بالإيرانيين عبر التليفون المحمول لطلب كميات الرخام التي يريدها ومعظم التجار الإسرائييلين يعترفون صراحة بأنهم يبيعون الرخام الإيراني ويعللون ذلك بأنه لا دخل للسياسة في التجارة وأحيانا يطلق هؤلاء التجار أسماء أخري علي الرخام الإيراني مثل ستيل جراي.
وطبقا للاحصائيات التي تنشر في تل أبيب فإن استيراد إسرائيل للرخام القادم من تركيا زاد في السنوات الثلاث الأخيرة بنسبة60% وتقدر قيمة المستورد منه سنويا بـ22 مليون دولار، ويكشف مسؤل في قطاع التجارة بإسرائيل أن90% ممن يقومون بإستخراج رخام الجوهرة تابعون لنظام الحكم في إيــران ويعلـــق علي ذلك رئيس شعبة التجارة الخارجية باتحاد الصناعات الإسرائيلي بقوله ان الاقتصاد الإيراني لا يعتمد بشكل أساسي علي تصدير الرخام لإسرائيل، فهم يستطيعون بيعه لأي دولة أخري.
أما وزارة المالية فقد أعلنت أنه لايوجد أي تصريح لاستيراد الرخام من إيران وان المستوردون يخاطرون بمخالفة القانون، فهناك عقوبات اقتصادية دولية مفروضة علي إيران، ومنذ عامين حاولت شركة بستونز الإسرائيلية بيع كميات من رخام الجوهرة الإيراني لشركة انساكس الأمريكية علي أنه رخام تركي، إلا أن مســئولي الشركة الأمريكية ساورتهم الشكوك في مصدر الرخام وبعد التحقيـــق في الأمر تبين لهم أنه مستخرج من جبال إيران وعلي الفـور قررت الشركة إلغاء الصفقة.. أيضا السجاد الإيراني عرف طريقه لأسواق إسرائيل وأشهر أنواعه قم وأصــفهان ويأتي عن طريق ألمانيا أوتركيا وطبقا للاحصـائيات فإن السجاد الإيراني شكل40% من إجمالي السجاد الذي استوردته إسرائيل خلال السنوات الثلاث الأخيرة بمعدل450 ألف دولار ســنويا للسجاد اليــدوي القادم عبر ألمانيا و30 ألف دولار سنويا للقادم عبر تركيا، أيضا90% من الفستق الموجود في الأسواق الإسرائيلية مصدره إيران، كما أن الياميش والمكســـرات والفواكه الجافة تأتي من إيران أيضا، أما الحلوي ومستحضرات التجميل فتأتي من سوريا أو لبنان عن طريق قبـرص، وفي حالـــة عثـــور السلطات الإسرائيلية علي هذه المنتجات تقوم بمصادرتها وإعدامها علي الفور.. الغريب أن المنتجات الإسرائيلية تتســلل هي الأخـــري لأســواق إيران وسوريا ولبنان عن طريق تركيا خاصة مكونات الكمبيوتر.