أعدرنى سيدى

اعذرني سيــدي ...

فإني كنت وما زلت وسأبقي أري نفسي صغـيراً جـداً كلما حاولت أن أكتب عنـك ... هيبتــك واحترامك يرتجف منهم قلمي رغم رحيلك عنا جســداً ... أما روحك الطاهــرة ونهجك الأصيل فهو خالداً فينا ما حيينا ...



عفــــواً سيـــــدي ...

قبل رحيلك كنت أظن أن الموت بعيداً عنك أو بالأحري كان بداخلي إحساساً بأنك لست مؤهلاً للموت كباقي البشر... ولم نهيء أنفسنا لهذا اليوم ... ولكنها الحقيقة كما قال جل في علاه " كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والإكـرام " وأمر الله فوق كل شيء ...



أما وقد رحلت عرفنا أن للموت ذوق جميل فهو يختار أجـمل النـاس ...



سيدي ... وقائدي ... ومعلمي ... أنا لست بهذا المقام أريد أن أكتب عن ياسـر عرفــات ... فلقد تعجز الكلمات عن وصفك ... وصف القائـد والثائـر والأب والمعلم ... وصف الرجل الذي سبق الضـوء ... وصف الرجل الذي ولـدت منه كل الرجـال ... وصـف الرجــل القـوي في الحـق ... وصف الرجــل الذي حمل فلســـطين بكل أطـيافها وأقـطابها في قلبه ... قـبل أن تـضمه إلي قـلبها ...



كنت يا سيدي دائماً تنادي بالوحدة الوطنية ... وتقول عالقــدس رايحين شهــداء بالملايين ...



كنت يا سيدي تجمع بين القوة والرحمة ... كنت يا سيدي قد علمتنا أن نوجه بوصلتنا إلي القــدس ... والقــدس فقـط ... قـدتنا يا سيدي علي مـر أكثر من أربع عقـود وأنت القـوي لكنك كنت تتــذكر قــوة اللـه عليك ... علمتنا أن نحب الناس ... كل الناس ... وعلمتنا كل شيء إلا أنك يا سيدي لم تعلمنا ولم تثـقفنا ولم تؤهلنا لهـذا اليـوم ... يـوم إستبـاحت دمـاؤنـا ... لـم تؤهلنا يومـاً أن نرفـع بندقيتنا في وجه أبناء جلـدتنا ... كنت تقـرأ ما بالأفـق ... والأفـق البعـيد ... أكنت تعلـم بهذا اليـوم ؟؟؟



أكنت تعلم بأن خيرة أبناؤك الذين كنت تقول عنهم جنرالات تحـرير الأقصى ... هل تعرف أين هـم ؟ وهل تعرف من قتـلهم ؟ أنت تعرف .. ونحن نعـرف .. ولكن الشيء الوحـيد الـذي لا نعرفه هـو لمـــاذا ؟؟ هل هو الطمع في السلطة والجاه ؟ أم عدم إيمانهم بالشراكة ؟ أم هم مجبرون علي تنفيذ مخططات خارجية ؟ فسحقاً للمال والسلطة والجاه إن كانوا هم السبب ... ماذا سيقولون لرب العزه يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتي الله بقلب سليم ...



أتــذكر سيـدي يوم أن سألتك مراسلة مجلة "روز اليوسف" في تونس عن تعريفك للمرأة الفلسطينية فأجبت حينها هي الأم التي عندما يأتي ابنها شهيــداً تأخــذ بندقيته وتعطيها لأخيه ... نعم سيـدي كانت كذلك عندما كنت أنت فينا أما بعد أن رحلت عنا فهذه المرأة قد رحلت ...




الآن يا سيدي المرأة الفلسطينية مشغولة بهموم كبيرة .. وموجعة .. المرأة الفلسـطينية يا سيـدي الآن أختاً أوأماً أو زوجًة أوبنتاً لشهيد أومقعداً أو جريحاً أو معتقلاً عفواً سيدي ليس علي يـد شلومـو ولا باراك ولا شمعون ... ولكن علي يد خالد وإسماعيل ومحمود وأحمد وسعيد ويونس ... الأسماء تتغير ... ولكن القاتل واحد ... وهدفه واحد ...



أما الشبل والزهرة يا سيدي الذي كنت تحلم أن يرفعوا علـم فلســطين خفـاقاً فوق أسـوار ومـأذن القـدس اليـوم يخافـون أن يرفعوا ذلـك العـلم فـوق أسوار بيوتهـم لأنه أصبح هذا العـلم تهمه ...



لقـد جاءنا يا سيدي بعـدك أناسً حللوا الحـرام وحرموا الحـلال لا يفرقون بين طفلاً أو شيخاً أو أمانة أو خيانة أو ظلماً أو عدلاً أو سواداً أو بياضاً ... فلا لـون إلا ما يرون ولا حـلالاً إلا ما يفعلون هل هذه سيدي هي السنوات الخداعات التي أخبرنا عنها رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه...؟!



رحلت يا سيدي ونحن في أمس الحاجة إليك ... نحن لا نعترض علي قدر الله ... بل نعاتبك يا سيدي إن كان لنا الحق في العتاب ؟ نعاتبك لأنك لم تعمل بقول المثل...



"إذا أكرمت الكريم ملكته ... وإذا أكرمت اللئيم تمـردا " كنت تكرمهم يا سيـدي والآن هـم يا سيدي تمردوا... لقد داسـوا بأقدامهم النجسة علي صورك ... ودنسـوا بيـتك ... ولم يشـفع لك رفقـك بهم ... وتمردوا ... هل يحق لأحد أن يتمرد على القائد الرمز ياسر عرفات ؟؟



أسف يا سيدي لو كنت قد جهزتنا لمثل هذا اليوم ... يا ليتك جهزتنا له !!



لا تنزعج سيدي فلطالما رقصت علي جثث الأسود كلاب ... وكمـا كنت تردد دائماً يا جبـل مـا يهزك ريح ...



سيدي يا صاحب الكوفية السوداء التي عرفنا العالم من خلالها ... ستبقي كوفيتك عالية علو السمـاء ... كوفيتك يا سيدي هي فلسطين ... ونعاهدك سيدي أن نبقي علي عهدك ووعدك فلن ينالوا منا يا سيدي ... وأبداً لن ننسي القــدس ... فهي وصيتك وحلمك وسنتمسك بها عهداً علينا ...



سيدي لا أجد أجمل من الكلمات التي تقول ... أنت في قلوبنا للأبــد ... روحك والجسد .. ولن يملأ مكانك أحد ... فأنت الجد والأب والإبن والحفيد ... وأنت الماضي والحاضر والمستقبل .. أنت المارد والمعلم والقائد ... سلامً لك ... وسلام عليك ... وسلام قبــرك ... وسلام بعثك إن شـاء الله يا سيدي ...



وأخـر دعوانا أن نلقي الله وهو راضٍِ عنا ..

رائع ما كتب قلمك
مشكور علي الموضوع المميز
دمت كما تحب

الحياة صعبة لكن مع الياسرلايوجدصعوبة

مشكووور كتير اخ الكريم تستحق منا الاحترام والتقدير

وفعلا كلامك حلو كتير وموضوعك حلو
سيزار