تقف القضية الفلسطينية أمام أخطر
مرحلة في تاريخها، إذ أن التحوّلات الحاصلة على إختلافها، وتسارع التطوّرات
التي لا تسير في سياقات منفصلة، بل خطوات تراكمية يراد لها تحقيق أهداف
محدّدة ومعروفة، لا يمكن مواجهتها دون وحدة وطنية صلبة عمادها قوّة فتحاوية
متماسكة ومتراصة تراكم دورها الطليعي والريادي والقيادي على الساحة وتسمو
على الصغائر وتتعالى عن فعل وأفاعيل الصغار.
من هنا ومن منطلق الفهم الوطني والتنظيمي والنضالي تكون البداية المتجدّدة
ولا يجوز تحت أي ظرف أن يتم تشتيت مقوّمات القوّة الفتحاوية والإساءة
لدورها ومكانتها، ولا يمكن التسليم بمنطق القيل والقال، وسيادة فلسفة
الوشوشة والهلوسة والدسيسة، لشئ واحد ووحيد أن القيادة الفلسطينية وعلى
رأسها الأخ الرئيس أبو مازن لديها من التحدّيات والمهام ما ينوء عن حمله
الجبال، ومن الجريمة إشغال ومشاغلة القيادة بأمراض وأهواء الصغار وصغائرهم
بإفتعال مشكلة هنا وأخرى هناك والتي فقط يسعون من خلالها لإثبات الحرص
والولاء الزائف ولو على حساب المصالح العُليا الوطنية والتنظيمية بإثارة
الشقاق والخلاف وإختلاق القصص والحكايا .. والتي أثبتت الوقائع بطلانها
وكذبها والرئيس أبو مازن من موقعه يعرف ذلك ..
وإن كان كل الفتحاويين في المستويات القيادية وحتى القاعدية بين الحين
والآخر يستبشرون خيراً بإنهاء الإشكاليات المفتعلة من أطراف بعينها، فهي
تعود لإختلاق عوامل التوتير والتعكير في الأجواء الفتحاوية في كل فرصة
ممكنة ... وقد كان الحرص الفتحوي وبمسؤولية تنظيمية ووطنية أداة دفع
إيجابية لمعالجة أي قضية داخلية مثارة من خلال الأطر القيادية المسؤولة هو
السمة الغالبة ... إلا أن تلك الفئة المتنفذة لم تدخر جهداً في ترويج
الشائعات والمفسدات لتخريب أي جهد إيجابي والتأثير عليه وعلى أصحابه سلباً
عبر صناعة المنغصات والتحريض والتشكيك الموتور ... وهم قطعاً يعلمون
ويدركون بدرجة كبيرة بأن ما يقومون به ويمارسونه يصب في خانة المس والمساس
أولاً بالرئيس أبو مازن عنوان الشرعيات الفلسطينية مجتمعة ويسئ لحركة فتح
وأُطرها القيادية التي يقف أيضاً الأخ أبو مازن على رأسها ...
ومن جهةٍ ثانية، يتطوّع هؤلاء المفسدون لتوفير المادة الإعلامية لأعداء
وخصوم الحركة على كل الجبهات للهجوم عليها والنيل منها كما حصل ويحصل في
الإعلام الإسرائيلي وأبواق الدعاية السوداء الحمساوية وبعض وسائل الإعلام
العربية والأجنبية التي إمتهنت التنكيل بسمعة الرئيس والسلطة والحركة
لأغراض وأهداف متعدّدة ...
وهنا ليس من الغرابة في نظر المراقب والمتابع للوضع الفلسطيني أن نجد عضو
اللجنة المركزية لحركة فتح محمد دحلان يقع في بؤرة تقاطع إطلاق النيران من
مصادر متعدّدة ومختلفة تلتقي وتتقاطع مصالحها بشكلٍ أو بآخر إما بالتخلّص
منه وشطبه عن خارطة الفعل السياسي والتنظيمي والوطني أو حشره في زاوية موقع
الدفاع عن ذاته وأفكاره ومواقفه في كافة القضايا ذات الصلة، بهدف إضعافه
وإفقاده زمام المبادرة، ومن ثم تطبيعه وتطويعه، وهو الذي لم يعتد أو يتعوّد
ذلك ... أو دفعه لمغادرة المسرح السياسي طوعاً ...
ولكن حتى الأخيرة يجب أيضاً أن تضمن ألا يخرج بجلده بل محملاً بكل
الإتهامات والإفتراءات التي تكال ضده .. وهذه النمطية من المعارك المفتعلة
ليست بجديدة على محمد دحلان وقد خرج في كل مثيلاتها السابقة أكثر قوّة ولم
تستطع أن تفت في عضده، وكان يخرج منها أكثر إلتزاماً بقضيته وقيادته، وهو
ما يؤكده في كل المواقع والمواقف ويشدد على أن الرئيس أبو مازن هو عنوان
الشرعية الوطنية ورأس القيادة الفتحاوية وأنه جندي في هذه الحركة يلتزم
وينضبط لما تقرّره الأُطر الحركية القيادية على كل المستويات .. وعادة ما
يثبت صدق ودقة تقديراته وآرائه ..
ومع القناعة بأن عضو اللجنة المركزية محمد دحلان هو شخصية إشكالية على
الساحة الفلسطينية له من يحب ومثلهم من يكره أو يتحامل أو ينفس عن أحقاده
الشخصية إتجاه هذا الرجل، ويجري تحليل وتأويل وتفسير كل كلمة أو موقف له
بألف طريقة وطريقة، بخلاف الكثيرين من القادة والمسؤولين الفلسطينيين
الآخرين ... لذلك أي قضية يكون دحلان طرفاً فيها تأخذ منها الأبعاد
والسياقات ما هو مختلف جداً حتى لو كانت مختلقة.
ولكن في ظل التطوّرات الأخيرة التي صاحبت مسار المفاوضات الفلسطينية
الإسرائيلية كانت له مواقف لافتة حول إدارة هذا الملف وتصريحات إعلامية
عبّرت عن مواقف حركة فتح المقرّة في اللجنة المركزية إتجاه التركيز على
الربط الكامل بين وقف الإستيطان كمقدمة موضوعية للعودة إلى المفاوضات، وهو
ما شكّل إزعاجاً دائماً للإسرائيليين والأمريكان، وينظرون إليه ( موقف
القيادة الفلسطينية ) بأنه لم يمنح الرئيس أوباما الفرصة لتحقيق شئ على
المسار التفاوضي الفلسطيني الإسرائيلي، كما رأى الطرف الإسرائيلي أن هذا
الموقف بوّابة للتأثير السلبي على العلاقة الأمريكية الإسرائيلية ... وقد
أبدت العديد من الدوائر ذات الصلة التذمّر والإستياء والإنزعاج من هذه
المواقف والتصريحات الإعلامية التي شكّلت عامل دعم وإسناد لموقف الرئيس أبو
مازن في مواجهة الضغوط الدولية ... وقد أرسل الإسرائيليون إشارة واضحة
بمنع محمد دحلان من التنقل بسيارته الخاصة من معبر الكرامة ( على إعتبار أن
ذلك عقوبة حسب مفهومهم ) .. والذي أعقبه تصريحات تصعيدية لدحلان وغيره من
أعضاء القيادة الفلسطينية بضرورة التفكير أيضاً بإتخاذ خطوة ربط التنسيق
الأمني بالتقدّم نحو المفاوضات، ورفع السقف التفاوضي الفلسطيني وهي أيضاً
قضية أزعجت وتزعج الإسرائيلي والأمريكي، مع التأكيد بأن هذه المواقف
المعلنة تأتي في إطار التوجّه العام لإدارة الملف التفاوضي الذي ذهب فيه
الرئيس أبو مازن إلى أبعد من ذلك إذا آلت الأمور إلى طريق مسدود وفقدان
الأمل بتحقيق الأهداف الوطنية في ظل المعطيات القائمة ...
وبالمقابل فإن محمد دحلان يمثل هدف دائم للهجوم عليه والتشهير به من قِبَلْ
حماس وماكينتها الإعلامية بعد الإنقلاب بعد أن فشلت قبل ذلك في إغتياله
عدّة مرّات وجعلت منه الشيطان الأكبر .. ولكن لماذا يتطوّع بعض أبناء البيت
الفتحاوي أو المحسوبين عليه بمستويات حقدهم أو حسدهم أو كرههم / أو فسادهم
وإفسادهم / لتصويب سهامهم في ذات اللحظة ونفس التوقيت للمساس بالإطار الذي
يحميهم ويمنحهم ما هم فيه بحق أو بدون حق / حركة حركة فتح / وقيادتها (
بالمساس برئيس الحركة وعضو لجنتها المركزية ) والإساءة إلى كوادر الحركة
بحكم العلاقات الإجتماعية والنضالية وبعدها الجغرافي والوطني، وتصفية
حسابات مقيتة ومذمومة. عبر قضايا مفتعلة وهامشية تشتت جهد وتركيز القيادة
الفلسطينية .. ولكن دعونا نقول
' لا تستوحش طريق الحق وإن قل السائرين فيه