في أحد الأيّام، وبينما كانت الأرض تدور حول أمّها الشّمس لمحت ساعي البريد يقترب منها، ممتطياً شهاباً أبيض.
خفق قلب الأرض فرحاً، ارتفع موجها، واهتزّت قبّعات الثلج البيضاء على رؤوس جبالها.
فتح ساعي البريد حقيبته النجميّة، أخرج مظروفاً عليه طابع هلالي الشّكل، أعطاه للأرض، ثمّ غاب كلمح البصر.
فتحت الأرض المظروف، أخرجت الرّسالة، وبدأت تقرأ:
-صديقتي الأرض، تحيّة نور وجمال.
كيف حال سهولك ووديانك، جبالك ومحيطاتك، أرجو أن تبقي أميرة الكواكب.
صديقتي
البارحة.. قرّرنا، نحن أبناء المجموعة الشّمسيّة، أن نقيم على سطحي مهرجان حبّ وتعارف، بمناسبة رأس السّنة الضّوئية، أرجو أن ترسلي مبعوثك غداً، أشكرك، دامت خضرتك.
التّوقيع: صديقك المرّيخ.
حكّت الأرض رأسها الجبلي، تأمّلت الفضاء بعيونها الزرقاء الواسعة وراحت تبحث عن مبعوث ترسله إلى المهرجان.
في اليوم التّالي، بدأ مبعوثو المجموعة الشّمسيّة يصلون إلى سطح المرّيخ.
كان مبعوث عطارد أول القادمين، تبعه مبعوث الزّهرة، فالمشتري، زحل، أورانوس، نبتون، أمّا مبعوث بلوتو فقد وصل آخرهم لبعد كوكبه عن الشّمس.
جلس المدعوون، على مقاعد مصنوعة من الأحجار اللاّمعة ينتظرون بفارغ الصّبر وصول مبعوث الأرض.
قال ممثّل المرّيخ، وهو راعي المهرجان:
-ترى.. من سترسل لنا الأرض، ليشاركنا مهرجان حبّنا؟
أجاب مبعوث بلوتو:
-ربّما تبعث لنا طائراً جميلاً، ليطربنا بتغريده، فقد سمعت أنّه تعيش عليها أنواع كثيرة من الطّيور.
ردّ مبعوث المشتري، وكان أضخمهم حجماً:
-أعتقد أنّها سترسل شجرة مورقة، وأتمنّى أن تكون مثمرة، لأنّ منظرها سيكون أجمل.
قاطعه مبعوث عطارد، قائلاً:
-حبّذا لو أرسلت قطرة ماء كبيرة، لاستمتعنا بلزوجتها ولمعانها، خاصّة وأنّني قريب من الشمس، لا أرى سوى اللّهب. فجأة.. ظهر شهاب من بعيد، حاملاً مبعوث الأرض. نظر المدعوُن نحوه دهشين، وكم كانت فرحتهم غامرة حينما توقّف الشهاب، ونزلت منه طفلة شقراء، تحمل بيدها تسع وردات بيض.