يا شام يا معقل الإسلام ما ركضت - - - بلق الخيول ومد الظل أفنان
إذا تضاءل هـذا الحب عن بلـد - - - فـفي مرابعـكم فيء و أكنان
تالله ما الغوطة الغناء منيتـنا - - - وفي مسارحها للحسن غزلان
ولا صبا بردى يسبي مشاعرنـا - - - لكـنما حـبكم دين و إيمان
من البراق أصول الحبّ قد بزغـت - - وقد أضاءت لها بصرى وحوران
إذا سرى الطيف منكم وانثنى سحراً - - - يهيج بالقلب للإسراء عنوان
لله حـبٌ ، رسـول الله أسسـه - - - و هل لنا غيره أس و أركان
وقـام من بعده الصديق يـورده - - - والشرق والغرب نيران وصلبان
دع ليلة الغار فالقـرآن خلـدهـا - - - تقاصرت همم عنها وأزمان
والروم قد أثخنت في الفرس عن حنق - - فالشام قلب وباقي الملك جثمان
حـلاوة النصـر لا زالت تـداعبهـا - - - ونشوة النصر في الطغيان طغيان
لكن قلب هرقلَ واهـن وجـل - - - تصارعت فيه أنوار وأوثان
لديه من سابق الأخبار عـن سـلفٍ - - - من النبوات آيات وبرهان
شمس الـرسالة هـذا حين مطلعهـا - - - فلتبتهج بسنا الرحمن أكوان
والله يختـار مـما شـاء مرسلـه - - - والخلق ليس لهم رأي ولا شان
والملك في فـرع إسـماعيل منتقـل - - - حتماً ولو كرهت روم ويونان
تـلا كتـاب رسـول الله في أدب - - - وقال للروم والأرصاد حيطان:
هذا الرسول الـذي كنـا نؤملـه - - - فالعين نائمة والقلب يقظان
وهذه الشام للمبعوث عاصمـة - - - للسيف ظل وللزيتون أغصان
إن اتبعنـاه فـالدنيـا لنـا تبـع - - - وسائر الناس خدام وولدان
وإن أبيـنا فـأمـر الله غـالبنـا - - - وملكنا ضائع والسعي خسران
نعمْ هرقلُ لقـد أسـمعتَ ذا صمـم - - - لو كان للقوم آذان وإذعان
أبت بطارقة الرومـان مـوعظـة - - - وغلّ أحلامهم كبر وبهتان
والكبر ما كان في طياتـه حـسـد - - - فشر وادٍ تردى فيه إنسان
إلا ضغاطر إن الله أكـرمـه - - - و قال : يا قوم إن الحق فرقان
محمد نحن في الأسفـار نـعرفـه - - فكيف يوبقنا في الكفر نكران
تواتـرت عندنـا أنبـاء بعثـتـه - - فالخلق ينتظرون الإنس والجان
لولاه ما هاجر الأحبار واصطبـروا - على لظى يثرب والشام أجنان
[size=18]وللـنبـوة أعـلام إذا نشـرت - - - أصغى وأبصرها بكم وعميان
وحي يصدق بعضاً بعضـه أبـداً - - - توراة موسى وإنجيل وقرآن
بكى هرقل ولكن كـان ذا جلـد - - - وقال قولـة نصح وهو لهفان
يا أيها الروم إن لم تسلمـوا فلنـا - في الصلح خير وبعض المر حلوان
وملك أحمد حـد الشمس مبلغـه - - والترك من جنده والصين أقنان
وسوف تسجد روما وهي صـاغـرة - - - مهما تقادم أجيال وأزمان
قالـوا: أندفع للأعـراب جزيتنـا - - - أبناء هاجر هم للروم عبدان
فقال: يا ليتني عبدٌ لأعسفهم مُلكـاً - - - ولا ملك لي فيكم ولا شان
وكنت ألثم من خير الورى قدمـاً - - - يحيى بقبلتها روح ووجدان
ثم انثنى من وراء الـدرب مكتئبـاً - - - إذ أقبلت لجنود الله فرسان
وكان ما كان مما الدهـر سجلـه - - - وشاهدت آيه حمص وبيسان
وأورث الله أرض الأنبـيـاء لنـا - - - والسيف للسيف أكفاء وأقران
ملاحـم الحق واليرمـوك رايتهـا - - فاضت بها من روابي الشام شطآن
جئنا صقوراً على شقـر مضمـرة - - وهم على الدهم يوم الروع غربان
قد انتضينا سيوف الحـق ليس لهـا - - في النقع إلا جسوم الروم أجفان
وللبطـولات أصـداء مـزلزلـة - - - سارت بها في فجاج الأرض ركبان
فمـا تظـن بـجيش في ذؤابتـه - - - أصحاب بدر وسيف الله أركان
مـلائك الله بالإرعـاب تنصرهـم - - - لهم من الذكر أحراز وأحصان
هم أمة الحمـد والتكبير ديدنـهم - - - إذا علوا شرفاً أو لاح علوان
وفي النهـار ليوث لا يسـاورهـا - - غمر وهم في ظلام الليل رهبان
كانت دمشق تـرى هـذا وتسمعـه - - كذاك أصغت لقول الحبر جولان
والشام بالشوق قد أخفت شماتتها - - - والحب يوقده للصب كتمان
يا شام قد لاحت البشرى على ظمأ - - واستشرف الفجر أكمام وسيقان
حان اللقاء فتيهي وارقصي جـذلاً - - - فموكب الشوق للأعراس بستان
أبو عبيدة والتقـوى تجللـه - - - هشت لملقاه آكام ووديان
وعانقته دمشق وهي غـارقـة - - - في سكرة الحب والمشتاق نشوان
قالت ألا أرتوي من مبسم سقطت - - - منه فدى لرسول الله أسنان
هذا العفاف وهذا الزهد أذكـرني - - يحيى الرسول فقل لي كيف أزدان
ياحبـذا النـور نور الله يغمـرني - - - وحبذا الجند جند الله من كانوا
ما الشام قبلك إلا مقبر خـربٌ - - - تناثرت فيه أشلاء وأكفان
نور من الـرحمة المهـداة مقتبس - - - أضاء والشام أدغال وغيران
نادى بلال فأبكى الشام قـاطبـة - - - الصوت مختنق والحلق غصان
أثار ذكرى رسول الله فـانتحبت - - - وهل لذكرى رسول الله سلوان
لم يستطع لاسمه لفظاً وحـق لـه - - إذ لوعة الحزن في الأحشاء نيران
وهامت الشام شوقاً أن تـرى عمر - - هو الزعيم وهذا الصحب أعوان
يا شام قد أقبل الفاروق فابتهجـي - - فالجو من عبق الفاروق ريان
والأرض تهتـز رعباً من جلالـته - - ومن مهابته في السحب رعدان
سكينة الحق تعلـو وجهـه أبـداً - - - فلا يواجهه في الدرب شيطان
أستغفر الله هـل شعري يحيط بـه - - وصفاًولو أن هذا البحر ديوان
وهو الذي طالما جادت فـراستـه - - - رأياً فوافقه بالوحي قرآن
صحابة المصطفى خير الورى أثـراً - - ما رام منـزلهم إنس ولا جان
لهم أحاديث في الإخلاص لو قرئت - - على الجلاميد أمست وهي كثبان
لولا الرسول لمـا كانـوا أسـاتذة - - والناس من حولهم للمجد صبيان
لولا الرسول لمـا كانـوا عباقـرة - - - فالوحي للفطرة الصماء بركان
هـم الهداة الأُلى من نـور حكمتهم - - - عم الحضارة إنصاف وعرفان
يا فاتح القدس إن القدس قد سلبت - - وغالها بعدكم " ليفي" و" دايان"
محض العداوة للإسلام يـجمعهـم - - - وهم من الكفر أصناف وألوان
كل القداسات داسوها بأرجلهـم - - - باسم السلام وكم ذلوا وكم هانوا
أين التسامح أين العدل إن صـدقوا - - - أين المواثيق هل للكفر ميزان
تلك الشعارات زيف يخدعون بـه - - - وهم على الظلم والعدوان أخدان
الله والنـاس والتاريـخ يلعنهـم - - - فهم على الذل أعيار وأنتان
يا شام معذرة زاغ الحديث بنـا - - والهم في النفس أشتات وأشجان
واتل الرثـاء على الأطـلال مفتتحاً - - (لكل شيء إذا ما تم نقصان