لا أكذب الله , مازلت أنتظرها مهما طال بي الزمان وتباعد عني المكان , أنتظرها .. ماكلت روحي ولا يئس قلبي .
عجبا لي !! أنتظر من لا أعرفها ! ولم أرها أو أقابلها يوما من الأيام ! ولا حتى أعرف اسمها !!
لكنها ملكة رسمتها بريشة أحلامي , وملاكا يسكن ذاتي , وياسمينة سقيتها بدمع عيني , وسوسنة ونسرينة حفظتها من الذبول طوال عمري .
وصفها وصورتها في عمق روحي , حاضرة معي , مسكون أنا بها , لا تسلني عن عقلي ! ولا تعذلني عن هواها , فالفؤاد عصي لا يرعوي , وحق له ذاك فهي شوقه وغرامه , وهي نبضه وعرامه .
صدقوني ألمح وجهها بين الوجوه !! أحدثها في المساءات الحزينة والليالي الشاتية وتحدثني .
أتلفت كثيرا في أسفاري ربما يجد كلانا الآخر بين الزحام , أعرف وصفها بكل تفاصيله وأشم عطرها في أجوائي بعبقه وعنفوانه , وأجد عبيرها في أرجائي بشذاه وجاذبيته .وأسمع صوتها الرخيم يرن في أذني .
إنها حزينة ذكية , مثقفة أصيلة ,حلوة الروح , عذبة السجايا ,نديمة العمر , عربية الوجه والدم ,شفيفة المشاعر , مرهفة الإحساس , سريعة الدمعة , بريئة الضحكة , حديثها شهي , ومسامرتها ألذ . عيناها ناعستان حالمتان تقتلك قبل أن تحدثك .
طرقت الأبواب أسأل عنها لم أجد مجيباً , إلا مرة لمحتها في المطار شهقت لما تلاقت عيوننا , فارتبكت روحي واهتز كياني , وتلاشت ولم تعد بعد ذلك .
ناجيت طيفها كثيراً , وحدثت خيالها أكثر , اشتكيت لها ومنها ! وقرأت القصيد بها وعليها .كثيرا ماقلت كلاماً عذباً وناعماً ورقيقاً بحضرتها , وأرسلت لها بوحي وشجني . ولكن يموت السؤال على شفتي بلا إجابة , هل قرأت شكواي أو سمعت قصيدي ؟
أيتها القادمة من بعيد : كفي عن هذا وأقبلي , فإن الروح ظمأى إلى إشراقة وجهك , كفي فالشوق كابدني حتى هدني , والحنين رافقني إلى أن أضناني .
إنها رغبة روح لا شأن للجسد بها , روح تبحث عن تؤأمها وتسري ليلاً تتلمس اللاشياء تفتش عن الدفء والسكون . روح أثقلها التعب وذوت بها الغربة وتعنت من الوحدة وتكاد الوحشة أن تودي بها .روح لا تتسول الحب من أحد لأنها تؤمن أن الحب لا يخلق ولا يصنع .
ياساكنة الروح : أرجو أن لاتكوني وهماً , فإن الألم قاتلي , ولا تكوني سراباً فإن العطش يعذبني , ولا حلماً فإن الأحلام إن طالت تحولت إلى كوابيس مفزعة .
لك التمنع والشجى لي . والنسيان لك والانتظار لي .. لكن الغصة التي بحلقي أدمنت المكان فلا يذهبها إلا حضورك .
عاف خاطري محبوبات كانت تشتهيها الروح وتلتذ بها النفس , هذا القلب حيرني أو حار معي ؟ فلم يبق له من الهاجس إلا همسات طيفك والنجوى معك .
سمعتك مرة تهمسين برنة مشوبة بدمعة : وينك ؟ لم الغياب ؟ اشتقت لرؤية وجهك !!لم السفر ؟ ولهت عليك ..فاستردت روحي كثيراً من عافيتها بهذا الوله والعتاب .
صدقوني أهنئها في كل عيد بالعبارة نفسها : ياعيد الروح وبهجتها , سمعت الناس يقولون فرح : العيد جاء , العيد جاء .. فهل حقا ستحضرين ! ؟
أذكرها إذا سالت الدمعة وبللت الوسادة , أذكرها إذا انتشيت فرحا بخبر سار , أذكرها إذا سافرت أو جئت قافلاً من سفر , أذكرها إذا ظلمت أو هضمت أو مرضت !!