أعدام, الليالي, النجاح
تعب الليالي، و أعداء النجاح
الـسـلام عـلـيـكـم
هكذا هم دوما ما يعيدونك خطوات إلى الوراء
تعب الليالي
ليالٍ طويلة،، و سهر و عمل ،، عيون تؤلم، و جسد منهك،،
و لكنه المرام الذي يتوهج بريقه أمام عينيك فيجعلك تستفيق إذا داهمك النعاس و تنتبه إذا شردت عما أنت مقبل عليه،،
كل الاهتمام توليه لهدفك، تريد هذا الإنجاز بكل ما أوتيت من قوة و عزم،،
تشد الرحال إلى الحلم لتحرره من بوتقة الظلام التي هو سجين فيها،،
و تحدث نفسك قائلا: ماضٍ أنا و لا شيء سيثنيني عن الوصول،،
تضع نصب عينيك كل العوائق فتعقد العزم على المضي و كأنك البطل الذي لا تهزمه الظروف مهما كانت قاهرة،،
كل الحبوب السحرية في متناولك إذا ما داهمك مرض أو صداع،،
و كل القوة تستمدها من حلمك إذا ما انتابك وهن أو ضعف عزيمة،،
و ساعة الامتحان يعز المرء أو يهان،،
ليالٍ طويلة و أيام في التحضير و الامتحان ماذا؟ مجرد لحظات تستنزفك ربما،، تتطلب منك مضاعفة الجهد لتكون في مستوى التحدي،،
لا أحد يفكر و هو مقبل على امتحان ما يمكن أن يداهمه من ظروف قاهرة قبل هنيهات من تلك اللحظة الحاسمة في حياته،،
و لكن،،
إنهم هناك متربصون بك،،
أعداء للنجاح هم،،
لم يختبروا تعبك و لا تفانيك،، و ببعض السلطة المخولة لهم قد ملكوا زمام أمرك و بكل برود يقررون بترك من أسفل لتجد نفسك للحظة عاجزا عن المضي و لو خطوة نحو هدفك الذي كان قبل هنيهات يتراءى لك قريبا بل بين يديك،،
و هذا ما حدث،،
و أنا بصدد السفر لتقديم مسودة رسالتي "الحلم" التي لست أدري ربما كانت تكملة لحلمي في التحصيل العلمي،،
بعض صديقاتي يلقبنني بـ"مجنونة دراسات عليا"
أوَ يحسبون أن الأمر هين و بتلك السهولة؟ أن تكون مجنون دراسات عليا،، ذاك عيب يضاف إلى عيوبي ليجعلني أنأى عن الناس و لا أصاحب إلا الكتب و المراجع التي أنهل من فيضها علما و أحدثها إذا استعصى علي فهم شيء و كأنها تسمعني،،
بعض الجنون ربما و لكنني أحبه و لا أرغب في الشفاء منه،،
بالعودة إلى أعداء نجاحي
و في المطار عند الجمارك،،
بصوت جدي خاطبني قائلا: أنا آسف آنستي، سنضطر إلى تأخيرك قليلا إلى أن نطلع على محتوى جهازك و القرص المدمج، هل لديك أي وثائق تصرحين بها؟
و دون أن أفكر: نعم نفس المسودة التي بجهازي و على القرص أحفظها على "اليو أس بي"
و بكل احترام مد يده ليتناولها و يغيب حوالي ربع ساعة في غرفة في المطار، و بعدها يعود ليخبرني أنه تم حفظ كل شيء إلى أجل غير مسمى،،
و لكن بعد أربعة أيام يجب أن أمثل أمام اللجنة؟
إذا تمت الموافقة على محتوى رسالتك سيتم تسليمك إياها قبل الأربعة أيام، فقط دوني هنا في هذه الأوراق المعلومات التي سنحتاجها للاتصال بكِ و إرسالها،،
هل يمكن أن أعلم سبب تعطيلي؟
نعم يا آنسة فرسالتك تتضمن ملفات و معلومات دقيقة تمس صورة البلد و و ...
لم أناقشه كثيرا، فالنقاش مع هؤلاء غالبا ما يكون عقيما و لا يؤدي إلى نتيجة، حاولت الحفاظ على هدوئي ثم طلبت مقابلة المسؤول الأعلى منه رتبة، بدا على وجهه الاستياء و لكنه لم يعترض، غاب برهة ثم عاد ليقودني إلى مكتب الجمارك حيث كان خلف المكتب رجل بلباس رسمي، طلب إلى الجلوس و هو يتمطط و كأن الكرسي لا يسع رتبته و الأشرطة المتزاحمة على كتفيه،،
و كان النقاش عقيما أيضا،
إنها التعليمات، و نحن نحافظ على أمن البلد و استقراره، و أنتِ لستِ صحفية و غير مؤهلة للحصول على هذه الملفات ...
رغم أنني قدمت تصريحات مقدمة إلي من السلطات المختصة للولوج إلى تلك السجون...
التصريحات لا تخول لكِ أخذ صور و نسخ من الملفات و لا نشرها في رسالتك،
و بعد هذا الكلام المهم لم ينطق إلا هراء و بدا أنه يسخر من انتقائي لموضوع الرسالة و للطريقة التي أعيش بها حياتي، و بابتسامة مقرفة أنهى حديثه و هو يقول و كأنه يريد أن يستظرف أو يبعث برسالة لم أكن بحاجة إليها "دعي عنكِ تلك المواضيع المضجرة، فهي لا تناسبكِ"
"سأضطر ربما إلى إبلاغ خارجية بلدي للتدخل في الموضوع"، قلت هذا وانصرفت قبل أن تقلع الطائرة من دوني،،
و كأن رسالتي هي التي ستقلب البلد رأسا على عقب و تشعل الثورة، حتما أنا إرهابية أو ثائرة دون أن أدري،
هكذا كنت أحدث نفسي طوال الطريق إلى بلدي، دون أن أفكر كيف سأقابل اللجنة بخفي حنين، خاوية الوفاض، جردوني من كل أسلحتي، و لكنهم لم يثبطوا عزيمتي،،
و لن أتنازل عن رسالتي و لا الملفات و لو اضطررت لجعل خارجية بلدي تتدخل و لكنه آخر خيار قد ألجأ إليه في حالة عدم تسليمي الوثائق التي سهرت ليالٍ طويلة في العمل عليها و تحضيرها،،
و دمتم بعيدا عن أعداء النجاح