هي
تعمل مدرسة حاسب في مدرسة حكومية وتعود إلى المنزل في تمام الساعة الواحدة
والنصف من بعد ظهر كل يوم بصحبة السائق أما هو فيعمل موظفاً في إحدى
الشركات ويعود إلى المنزل في حدود الساعة الرابعة والنصف عصراً من كل يوم
وعند عودته يجد زوجته المغلوبة على أمرها قد انتهت من تحضير وجبة الغداء
وأعدت له مائدة عامرة بكل ما لذ وطاب في بيتهما.. وهو عبارة عن دور علوي
مكون من خمس غرف تم توزيعها حسب ما تقتضيه حاجتهما كالتالي: غرفة نوم
وغرفة للأطفال الثلاثة مع الخادمة وغرفة مجلس للنساء وصالة معيشة وغرفة
مكتب للزوج (يمنع على الزوجة مداهمتها دون طلب الإذن المسبق من الزوج)
وغرفة مجلس للرجال فضلاً عن المطبخ ودورات المياه.. ونعود للموضوع وبعد
تناول وجبة الغداء يقوم الزوج لأخذ قسط من الراحة وأحياناً تشاركه الزوجة
ذلك الوقت المستقطع وبعد ساعتين من النوم يقوم مستيقظاً لإكمال بعض
احتياجاته الخاصة أو العامة والزوجة تغرق في تحضير بعض الأمور الأسرية
المتعلقة بالأطفال وبعد صلاة العشاء يكون الأمن مستتباً في المنزل حيث
يتجه الصغار إلى النوم وترافقهم الخادمة بعد أن تنتهي من ترتيب البيت
ويعود الزوج إلى المنزل بعد ذلك أي في حدود الساعة التاسعة تقريباً مساء
ويتجه مباشرة إلى غرفة مكتبه ويرفض مشاركة الزوجة وجبة العشاء وأحياناً
يطلبها (أي وجبة العشاء) في مكتبه لتناولها بمفرده ويغلق عليه لماذا؟ لكي
يدخل عالم الإنترنت! بشكل عام وعالم الحسناوات بشكل خاص عبر الأيسكيو أو
الماسنجر وغيره من برامج التشات المتعددة ولكي تتضح الرؤية للقارئ الكريم
فالبيت يوجد به خطّا هاتف خط عام للمنزل يتصل به أقارب الزوج والزوجة
وجميع المعارف للعائلتين أما الخط الآخر فهو خاص للزوج ولا يعرف أحد به
سوى الشلة المقربة للزوج بالإضافة لخطي جوال لكليهما والزوجة لها جهاز
كمبيوتر تبعاً لطبيعة عملها كمدرسة وتضعه في غرفة النوم الخاصة بهما وتدخل
الإنترنت عبر الخط الآخر أي العام بإيعاز من الزوج لكي لا تضيع وقته
الثمين أما هو فيدخل إلى الإنترنت عبر خطه الخاص وفي ظل الجو المغلق الذي
يحيط به نفسه ذهلت الزوجة من ذلك وحاولت مراراً وتكراراً أن تصل إلى
الحقيقة وراء تلك العزلة التي يحيط بها نفسه ولماذا لا يحق لها الاستمتاع
بتصفح النت بجواره وما هو السبب من منعه لها أن تدخل عنوة إلى غرفة مكتبه
دون الحصول على إذن مسبق ولماذا يحيل البيت نكداً ولو حاولت النقاش معه
حول الموضوع استفسارات قادت الزوجة إلى نوع من الفضول ومحاولة الدخول إلى
عالم زوجها الخاص.. وحاولت أن تتحين الفرصة أو تصطادها للوصول إلى جهازه
وبحكم خبرتها الأكاديمية في علوم الحاسب وكذلك خبرتها العملية يستعين بها
الزوج أحياناً لمساعدته في حل بعض المعضلات التي تواجهه بين الفينة
والأخرى مع توخيه الحرص بعدم كشف أسراره الخاصة ولكن (إن كيدهن عظيم)
استطاعت الزوجة الوصول إلى رقم الأيسيكيو كمنفذ للعبور إلى قلب زوجها
المريض واختارت اسماً يشد كثيراً من الرجال ويلفت انتباههم ودخلت إليه من
خلال هذا البرنامج.. ولكم أن تتخيلوا أن كليهما يحادث الآخر من منزلهما
الصغير وبعد فترة بسيطة استطاعت الزوجة أن تكسب ود زوجها الذي لا يعرف
حقيقة أمرها وطلب منها أن تتحدث معه هاتفياً ولكنها رفضت ذلك وأخيراً
استقر الأمر على خدمة الماسنجر للتأكد من حقيقة كونها أنثى لكي لا يتم
خداعه من قبل أحد شلته على حدّ قوله لها.. وعلى مضض وافقت مع شدة مخاوفها
أن يتعرف على صوتها وطلبت منه أن تكون المرة الأولى والأخيرة لأنها فتاة
محافظة وعملت ذلك من أجل أن لا تخسره كصديق وزميل في النت وتتوقع أن يكون
بينهما علاقة من نوع خاص وراق ووافق على ذلك مع قطع الوعود بعدم إحراجها
مستقبلاً وتم ذلك بالفعل.. ويا للمفاجأة أتدرون ماذا قال الزوج عندما سمع
همس صوتها: إنني لم أسمع قط أجمل من عذوبة هذا الصوت ورقته وأخذ يتنهت
ويوهوه على مسمع منها بشدة انبهاره بصوتها.. وطلبت منه إنهاء المكالمة عبر
الماسنجر بعد أن تم له ما أراد وبالفعل اتخذت علاقته معها منحى آخر من
الصراحة (فرط السبحة) فأخبرها بكل شيء أنه متزوج وأنه ما يشعر بالسعادة مع
زوجته وأنها متسلطة وأنه يعيش معها مجاملة حتى لا يتضرر الأطفال وهي أخذت
تجاريه وتقول له إنها سبق أن تزوجت وفشلت في زواجها بسبب زوجها المدمن على
الإنترنت وأخذت تسرد له عيوبه بطريقة ذكية وغير مباشرة وأشارت إلى أنها لم
تقصر يوماً في حقه ولكن هو غير مبال بها ولم يشعرها بأنوثتها أو يضمها
بحنانه.. وهو (أي الزوج) يبادلها الحوار قائلاً: إن هذا الزوج يتمتع
بالبرود وقلة الذوق وعدم النظر ومعك حق أنك طلبت الطلاق منه. وهكذا بدأت
تتهاوى الأوراق بينهما وكلاهما يكشف النقاب عن خبايا مكنوناته الداخلية
بطريقة أنهكت قوى الزوجة كونها الوحيدة التي تعرف حقيقة من يحاورها.. وبين
إصرار الزوج على مقابلتها وطلب إعطائه فرصة لكي يعوضها عن أيامها الغابرة
مع زوجها السابق.. وبالحلال على حد قوله طلبت الزوجة منه انتظارها بضع
دقائق.. وطرقت عليه الباب؟
عندما طرقت عليه الباب تأخر في الرد
عليها ومن ثم فتح الباب وهو مندفع وبصوت عال سألها عن سبب مجيئها إليه
وردت هي الأخرى عليه بصوت عال لا يخلو من العصبية يحمل من الآهات والتأسي
ما يفجر براكين خامدة بعبارة (طلقني يا خائن) ووقف مذهولاً أمام مطلبها
المفاجئ ومستغرباً احتدامها في تلك اللحظة وسألها ببرود: هكذا من الباب
للطاقة، طلقني وكانت بالرغم من تماسكها تتنفس الصعداء بعبارات ممتزجة
بنبرة مبكية نعم ألم تقل إنك تعاشرني فقط من أجل أبنائي وإني لم أعجبك قط
إذن لماذا لا تطلقني؟ وتدعني أبحث عن سعادتي حيث تكون.. وعندها استدرك من
خلال الربط بين ما يدور على مسمعه من زوجته وبين ما تفوه به لشريكته عبر
النت وفطن للعلاقة القوية بين شقي الحديث وقال على عجالة: أنت السبب.. نعم
أنت السبب وبينما هي تضع يديها على رأسها وعيناها غارقتان بالدموع متأسية
على أيامها وليالي عمرها التي قضتها برفقته عبر مشوارهما الزواجي.. قالت:
انتم دائماً هكذا أيها الرجال تلقون باللوم علينا في كل صغيرة وكبيرة
أخبرني عن سبب واحد يجعلك تخونني وتبحث عن أخرى في وجودي وطلب منها على
الفور أن تدخل مكتبه المحظور عليها دخوله سابقاً بحجة عدم إزعاج الأطفال
وتحت إلحاح منه دخلت منتحية في طرف المكتب وتستعجله في الإجابة.. وبذكاء
منه ودبلوماسية فائقة (أو العكس صحيح) أقنعها بأنه يعلم مسبقاً أن من
تحادثه لها علاقة مباشرة وقوية مع زوجته ولهذا رغب في توصيل هذه الرسالة
من خلال المتحدثة معه إلى زوجته حتى يوقظ مشاعرها الخامدة وتتحرك براكين
أنوثتها المهاجرة.. ولكن زوجته وهو يسترسل في حديثه معها قالت له: كذاب
أنت من يتصف بالفتور والبرود وكم هي الليالي التي أبحث عنك ولكن دون جدوى
لم أجدك بالرغم من إقامتك معي وتحت سقف واحد.. وبعد سيل من تبادل
الاتهامات هدأت العاصفة وذهبت هي لغرفتها ولحق بها وعند الصباح رجعت
المياه لمجاريها شكلياً ولكن ضمنياً قد يضمر كل منهما للآخر ما يكفي لأن
يهدد علاقة زوجية بالقطيعة الأبدية