الإرشاد الجماعي :Group Counselling
إن الإرشاد الجماعي لا يمكن أن يكون بديلا عن الإرشاد الفردي، فهناك بعض الطلاب الذين يستجيبون بصورة أفضل في المواقف الجماعية بينما نجد البعض الآخر يحتاج إلى رعاية فردية خاصة، ومنهم من يحتاج إلى النوعين من الإرشاد لمساعدتهم على التوافق السليم، غير أن الجماعة في الإرشاد الفردي، وهذا التأثير مستمد من جانبين، أولهما الإخصائي النفسي نفسه، والثاني هو الجماعة الإرشادية الذين يبذلون الجهد لمساعدة زميلهم، وهذا يؤدي إلى شعور أعضاء الجماعة الإرشادية بالطمأنينة أكثر من مقابلة الإخصائي وحده في الإرشاد الفردي .
حالات استخدام الإرشاد الجماعي :
يستخدم الإرشاد الجماعي في المدارس مع الحالات التالية :
E حالات الطلاب التي لا تتطلب درجة عالية من السرية.
E حالات الإرشاد التربوي والمهني.
E الحالات التي يستخدم معها الإرشاد الوقائي لتنمية أحد جوانب الشخصية كالاستقلالية والانتماء وروح الفريق والقيادة. . وغيرها.
فالإرشاد الجماعي يوفر لكل هؤلاء عددا من المميزات التي يستفيدون منها، هي :
(1) أن الإرشاد الجماعي كفء من حيث التكلفة، فالإخصائي يستطيع أن يرى العديد من الطلاب في وقت واحد.
(2) يمكن أن توفر المجموعة نوعا من العلاج الوقائي، حيث يمكن للأعضاء أن يسمعوا تجارب الآخرين وهم يناقشون مشاكلهم، تلك المشاكل التي لم يواجهوها من قبل في حياتهم.
(3) بعض التجارب والنشاطات والتمارين لا يمكن أداؤها إلا في مجموعات كلعب الأدوار مثلا.
(4) توفر الجماعة ميزة إخراج انفعالات معينة يمكن التعامل معها عندئذ في الواقع في إطار الجماعة.
(5) بعض المشاكل يتم التعامل معها بصورة أكثر فعالية في إطار المجموعة مثل عيوب المهارات الاجتماعية والتعامل مع الآخرين، ويمكن أن يتدرب الطالب على سلوكيات جديدة وطرق للارتباط بالناس من خلال الجماعة.
(6) في إطار الجماعة يمكن للطلاب تلقي قدرا من المعلومات عن سلوكهم.
(7) تتولد في إطار الجماعة الكثير من الاقتراحات التي تتعلق بمشكلة ما مما لو تواجد الإخصائي مع فرد واحد فقط.
ولكن يحذر هنا أن ينضم إلى الجماعة الإرشادية الطلاب الذين لديهم مشكلات سلوكية ونفسية متطرفة كحالات الجناح والعنف والإيذاء الذاتي والأمراض النفسية الخ.
شروط الجماعة الإرشادية :
هناك عدة شروط أوضحتها كاميليا عبد الفتاح (1998) يجب مراعاتها عند تكوين جماعة إرشادية ومنها ما يلي:
? حجم الجماعة:
ينبغي أن يكون عدد أفراد الجماعة الإرشادية معقولا فلا يقل عن ثلاثة ولا يزيد عن خمسة عشر حتى لا تمثل عبئا ثقيلا على كاهل الإخصائي النفسي وحتى تستفيد الجماعة من فوائد الإرشاد الجمعي.
? عمر الجماعة:
يعتبر الإرشاد الجمعي ذا فائدة لكل من الأطفال (في عمر المدرسة الابتدائية) والمراهقين، ولكن عند تكوين الجماعة الإرشادية يفضل أن يكون هناك تقارب في عمر الأعضاء وذلك لاختلاف طبيعة كل مرحلة عمرية وحاجاتها وخصائصها والمشكلات التي تميزها عن المرحلة العمرية الأخرى.
? الاحترام الجماعة:
إن التجانس أو عدم التجانس في جنس المجموعة الإرشادية يتوقف على العمر الزمني للأعضاء ففي مرحلة الطفولة يمكن أن يشترك البنين والبنات معا في المجموعة الإرشادية، أما في مرحلة الطفولة المتأخرة ومع بداية مرحلة المراهقة يفضل أن يتم الفصل بين الجنسين عند تكوين الجماعة الإرشادية وذلك لاختلاف طبيعة واهتمامات كل جنس، هذا إلى جانب أن هناك موضوعات عند إثارتها قد تسبب الشعور بالخجل أمام الالاحترام الآخر وخاصة في مرحلة المراهقة مما قد يكون له تأثير سلبي على العملية الإرشادية.
? الذكـاء :
لاشك أن وجود طالب بين مجموعة إرشادية معظم أفرادها أعلى منه في مستوى الذكاء سوف تؤثر عليه سلبا، أما إذا كان المستوى العقلي لأحد الطلاب أعلى من معظم أفراد المجموعة الإرشادية فقد يؤدي ذلك إلى نبذه من باقي زملائه في المجموعة، لذلك يفضل أن يتم التجانس في الذكاء إلى حد ما بين أفراد المجموعة الإرشادية.
? نوعية المشكلات :
إن وجود مشكلات مشتركة بين أفراد المجموعة الإرشادية الواحدة يساعد الطالب على إشباع حاجته إلى الشعور بالانتماء والإحساس بأن الآخرين يفهمونه، وهذا بلا شك يطمئنه إلى أنه لا يختلف عن الآخرين، إذ قد يؤدي الاختلاف والتنوع الكبير في نوع المشكلات إلى صعوبات تتعلق بعمليات التفاهم والانسجام فيما بين أفراد المجموعة.
أساليب الإرشاد الجمعي :
تتنوع الطرق المستخدمة في الإرشاد الجمعي ومن بينها ما يلي :
? السيكودراما :
تعرف أحيانا بالدراما النفسية أو التمثيل النفسي المسرحي، وتتميز السيكودراما بأنها أسلوب تشخيص وعلاج في نفس الوقت، ويستخدم هذا الأسلوب عادة مع أغلب المشكلات ومع جميع المراحل العمرية.
وفي السيكودراما إما أن يقوم الإخصائي النفسي المدرسي بإعداد قصة تعبر عن المشكلة التي يعاني منها الطالب أو الطلاب في المجموعة الإرشادية، ويطلب منهم القيام بتمثيل هذه القصة ويترك لهم الحرية في اختيار الدور الذي يلائمهم والحرية في التعبير، فالحوار لا يعد مسبقا، أما الحالة الثانية هي أن يقوم الطالب بأداء موقف تمثيلي لحدث في حياته أو خبرة مر بها في الماضي أو يمر بها في الحاضر أو يخشى المرور بها في المستقبل أو تدور حول مجموعة من الأفكار والمعتقدات الخرافية والاتجاهات السالبة المشحونة انفعاليا.. وغيرها ويتم أداء هذه الأدوار بشكل تلقائي ارتجالي، ومن خلال هذا العرض يكشف كل طالب عن مشاعره ورغباته وصراعاته وإحباطاته وانفعالاته فهو نوع من التنفيس الانفعالي يخرج فيه كل منهم ما بداخله لإحداث التوافق الشخصي والاجتماعي.
? السيسودراما :
يعرف أيضا بالتمثيل الاجتماعي المسرحي، وهو يركز على القواعد الاجتماعية المألوفة للفرد في علاقته مع الآخرين، فهي تتناول المشكلات ذات الطابع الجماعي المتصل بوظيفة الجماعة أو تركيبها كالمشاكل الاجتماعية أو الاقتصادية أو الدينية العامة والتي تسبب التوتر والاضطراب للمجتمع، وهذا على العكس من السيكودراما التي تهتم بمشكلة عضو معين من أعضاء الجماعة، حيث يكون التركيز على الحياة الشخصية للفرد.
? لعب الأدوار :
يختلف لعب الدور عن كل من السيكودراما والسيسودراما، في أن لعب الدور يعطي الأشخاص أمثلة ونماذج لكي يقلدونها ويكررونها أما في السيكودراما والسيسودراما فالتركيز لا يكون على التعليم والتقليد بقدر ما يكون التركيز على التلقائية والارتجالية وتنمية القدرة على اتخاذ القرارات.وفي لعب الدور يتم تناول أي موقف يسبب الاضطراب للطالب بشكل تمثيلي فالطالب الذي يعاني من الخجل والانطواء يمكن أن يستخدم مع هذا الأسلوب في التدريب على تنمية المهارات الاجتماعية المختلفة .
? المحاضرات والمناقشات الجماعية :
هي طريقة تربوية تستهدف تعديل بعض السلوكيات والأفكار والمعتقدات والاتجاهات لدى بعض الطلاب، ويتم خلالها إلقاء محاضرة حول موضوع الجلسة يتخللها مناقشات مفتوحة وإلقاء أسئلة من جانب الطلاب المشاركين،وعادة ما يقوم الإخصائي النفسي المدرسي بإلقاء تلك المحاضرات، أو إدارة الحوار والمناقشات في حالة استضافة متخصصين في مجالات متنوعة كالطب والدين والسياسة والاجتماع..وغيرها، وتتم المناقشة من جانب الطلاب إما بعد إلقاء المحاضرة أو أثنائها. ويستخدم أحيانا الإخصائي النفسي أو الضيف بعض الوسائل التوضيحية المساعدة من أفلام تعليمية أو كتيبات أو نشرات إرشادية.. إلى غير ذلك من الوسائل التي تعين الطلاب على الاستيعاب والمناقشة.
? النادي الإرشادي :
هو أحد الأساليب المستخدمة في العلاج الجماعي، والذي أكدت العديد من الدراسات على فعاليته في إطار الخدمة النفسية المدرسية، وتتلخص فكرته في قيام الإخصائي النفسي المدرسي بإعداد حجرة خاصة للنادي وتكوين جماعة إرشادية من الطلاب تتكون عادة ما بين 15:5 طالبا ممن يعانون من مشكلات سلوكية معينة كالانطواء أو العزلة أو الخجل.. ويترك لهؤلاء الطلاب الحرية في منافسة الأنشطة الرياضية والفنية والموسيقية المختلفة، ثم بعد قيامهم بهذا النشاط يتم تناول بعض المشروبات، ويتم مناقشة ما يرونه من موضوعات مختلفة وأثناء ذلك يقوم الإخصائي بتسجيل ملاحظاته حول سلوكياتهم وآرائهم وانفعالاتهم وإذا لاحظ سلوك غير سوي يقوم بتعديله.
ويساعد هذا الأسلوب الطلاب في التنفيس عما بداخلهم من مشاعر مكبوتة من خلال ألعابهم ونشاطهم الحر، كما يساعد الطلاب المنعزلين والخجولين على تكوين صداقات جديدة مع الآخرين وتنمية مهارات اجتماعية متنوعة.
دور الإخصائي النفسي المدرسي في الإرشاد الجماعي :
يلعب الإخصائي النفسي دورا حيويا في الإرشاد الجماعي، حيث يلقى عليه العبء الأكبر في العملية الإرشادية ومن بدايتها حتى نهايتها، وتتدرج العملية الإرشادية التي يقوم بها الإخصائي النفسي عبر الخطوات التالية:
(1) يبدأ الإخصائي النفسي المدرسي بتكوين مجموعة الإرشاد الجماعي من مجموعة الطلاب الذين يرغبون في مناقشة مشكلاتهم ويجمع بينهم مشكلات متشابهة، ويتم بداية جمع المعلومات عن كل طالب من أفراد المجموعة باستخدام وسائل جمع المعلومات المختلفة ثم يقابل كل فرد على حدة ليتحدث معه عن الإرشاد الجماعي.
وعند اختيار الطلاب لتكوين الجماعة الإرشادية ينبغي التأكيد على الآتي:
v مدى قدرة كل طالب على التعبير عن مشكلاته داخل المجموعة.
v مدى استعداد كل منهم للاستماع للآخرين والتعاون معهم.
v مدى قدرتهم على المثابرة وتحمل المسئولية في مواجهة المشكلات.
(2) بعد تكوين الجماعة الإرشادية يقوم الإخصائي النفسي المدرسي بالاجتماع بهم في مكان هادئ بعيدا عن الضوضاء والمشتتات ويبدأ في خلق جو من المودة والصداقة والتفاهم مؤكدا على ضرورة سرية ما يقال حتى يشعر جميع الطلاب بالاطمئنان، ويبدأ كل منهم بتعريف نفسه للآخرين وعرض مشكلته، وخلال ذلك يحاول باقي الطلاب التركيز على ما يمكنهم ذكره عن مشكلاتهم الخاصة عندما تتاح لهم فرصة للحديث.
(3) يحدد الإخصائي النفسي المدرسي مواعيد الجلسات بالاتفاق مع باقي الطلاب المشاركين في الجلسة، وهو عادة ما يخصص لذلك إحدى الحصص، ولما كانت مدة الحصص لا تتعدى ساعة فيمكنهم أن يلتقوا مرتين في الأسبوع، وهنا يؤكد الإخصائي على ضرورة الالتزام بمواعيد الجلسات، لأن عدم الانتظام والتأخير في الحضور يعتبر مؤشرا على عدم اهتمام الطالب، وفي هذه الحالة قد يتم إنهاء عضوية ذلك الطالب.
(4) يستخدم الإخصائي النفسي أحد أساليب الإرشاد الجمعي كالسيكودراما أو السيسودراما أو لعب الأدوار..وغيرها، ويتوقف اختيار نوع الأسلوب المستخدم على نوع المشكلة المعروضة.
(5) يقوم الإخصائي النفسي بإنهاء الجلسات الإرشادية بعد تحقيق الأهداف المحددة مسبقا والانتهاء من إجراءات العملية الإرشادية وتقييم ما يتم تحقيقه ثم كتابة التقرير الختامي.