ملتقى جامعة الأزهر

عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة يعلن ملتقى جامعة الازهر عن انطلاق مسابقة افضل عضو ومنها العديد من الجوائز القيمة كروت واشراف وجوائز نقدية اغتنم الفرصة واثبت وجودك يرجى التكرم بتسجيل الدخول ان كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب بالانضمام الى اسرة الملتقى سنتشرف بتسجيلك
king
ادارة المنتدى/ حمــادة
ملتقى جامعة الأزهر

عزيزي الزائر/عزيزتي الزائرة يعلن ملتقى جامعة الازهر عن انطلاق مسابقة افضل عضو ومنها العديد من الجوائز القيمة كروت واشراف وجوائز نقدية اغتنم الفرصة واثبت وجودك يرجى التكرم بتسجيل الدخول ان كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب بالانضمام الى اسرة الملتقى سنتشرف بتسجيلك
king
ادارة المنتدى/ حمــادة
ملتقى جامعة الأزهر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةغزةأحدث الصورالتسجيلدخول
افتح قلبك فضفض وقول شو مابدك
اتصل بادارة ملتقى جامعة الازهر
تابع الملتقى على الفيس بوك
جامعة الازهر بغزة
 خدمات طلاب جامعة الازهر

 

 الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
T@MER
ازهري ماشي براحته

ازهري ماشي براحته
avatar


ذكر
عدد المشاركات : 39
العمر : 35
التخصص : لسه ما قررت بس بدرس فرنسي
الهواية المفضلة : كرة السلة
صور بمزاج العمدة : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران About_01
احترامك لقوانين المنتدى : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران 69583210
بلدي : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Palestine
وسام العضو : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران NE405843
جامعة الازهر الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Eywejnrqig6r

نقاط : 43
تاريخ التسجيل : 21/03/2009

الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Empty
مُساهمةموضوع: الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران   الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Icon_minitimeالأحد مارس 29, 2009 3:22 am

هل قرأتم هذه الرواية ؟

أنا قرأتها وقد اعجبتني وأتمنى منكم أن تقرأوها ..وأتمنى أن تنال اعجابكم ..

اذا كانت قد أعجبتكم سأضع غيرها ..

أترككم مع الرواية اقرأوها بتأني سأضعها لكم فصل فصل ..

حقيقة تستحق القراءة ..


1
توطئة


كنت في الثامنة عشرة من عمري عندما فتح الحب عينيَّ بأشعته السحرية، ولمس نفسي لأول مرة بأصابعه النارية. وكانت سلمى كرامة المرأة الأولى التي أيقظت روحي لمحاسنها، ومشت أمامي إلى جنة العواطف العلوية حيث تمر الأيام كالأحلام وتنقضي الليالي كالأعراس.
سلمى كرامة هي التي علمتني عبادة الجمال بجمالها، وأرتني خفايا الحب بانعطافها، وهي التي أنشدت على مسمعي أول بيت من قصيدة الحياة المعنوية.
أي فتى لا يذكر الصبية الأولى التي أبدلت غفلة شبيبته بيقظة هائلة بلطفها، جارحة بعذوبتها، فتاكة بحلاوتها؟ من منا لا يذوب حنيناً إلى تلك الساعة الغريبة التي إذا انتبه فيها فجأة رأى كليته قد انقلبت وتحولت، وأعماقه قد اتسعت وانبسطت وتبطنت بانفعالات لذيذة بطل ما فيها من مرارة الكتمان، مستحبة بكل ما يكتنفها من الدموع والشوق والسهاد.
لكل فتى سلمى تظهر على حين غفلة في ربيع حياته. وتجعل لانفراده معنى شعرياً وتبدل وحشة أيامه بالأنس، وسكينة لياليه بالأنغام.
كنت حائراً بين تأثيرات الطبيعة وموحيات الكتب والأسفار عندما سمعت الحب يهمس بشفتي سلمى في آذان نفسي، وكانت حياتي خالية مقفرة باردة شبيهة بسبات آدم في الفردوس عندما رأيت سلمى منتصبة أمامي كعمود النور، فسلمى كرامة هي حواء هذا القلب المملوء بالأسرار والعجائب، هي التي أفهمته كنه هذا الوجود وأوقفته كالمرآة أمام هذه الأشباح. حواء الأولى أخرجت آدم من الفردوس بإرادتها وانقياده، أما سلمى فأدخلتني إلى جنة الحب والطهر بحلاوتها واستعدادي، ولكن ما أصاب الإنسان الأول قد أصابني، والسيف الناري الذي طرده من الفردوس هو كالسيف الذي أخافني بلمعان حده، وأبعدني كرهاً عن جنة المحبة قبل أن أخالف وصية، وقبل أن أذوق طعم ثمار الخير والشر.
واليوم، وقد مرت الأعوام المظلمة طامسة بأقدامها رسوم تلك الأيام، لم يبقى لي من ذلك الحلم الجميل سوى ذكريات موجعة ترفرف كالأجنحة غير المنظرة حول رأسي، مثيرة تنهدات الأسى في أعماق صدري، مستقطرة دموع اليأس والأسف من أجفاني.. وسلمى ــ سلمى الجميلة العذبة قد ذهبت إلى ما وراء الشفق الأزرق ولم يبق من آثارها في هذا العالم سوى غصات أليمة في قلبي، وقبر رخام منتصب في ظلال أشجار السرو. فذلك القبر وهذا القلب هما كل ما بقي ليحدث الوجود عن سلمى كرامة. غير أن السكينة التي تخفر القبور لا تفشي 1لك السر المصون الذي أخفته الآلهة في ظلمات التابوت، والأغصان التي امتصت عناصر الجسد لا تبيح بحفيفها مكنونات الحفرة، أما غصات وأوجاع هذا القلب فهي التي تتكلم وهي التي تنسكب الآن مع قطرات الحبر السوداء معلنة للنور أشباح تلك المأساة التي مثلها الحب والجمال والموت.
فيا أصدقاء شبيبتي المنتشرين في بيروت، إذا مررتم بتلك المقبرة القريبة من غابة الصنوبر ادخلوها صامتين، وسيروا ببطء كيلا تزعج أقدامكم رفات الراقدين تحت أطباق الثرى، وقفوا متهيبين بجانب قبر سلمى وحيوا التراب الذي ضم جثمانها. ثم اذكروني بتنهدة قائلين في نفوسكم: ههنا دفنت آمال ذلك الفتى الذي نفته صروف الدهر إلى ما وراء البحار، وههنا توارت أمانيه وانزوت أفراحه وغادرت دموعه واضمحلت ابتساماته، وبين هذه المدافن الخرساء تنمو كآبته مع أشجار السرو والصفصاف. وفوق هذا القبر ترفرف روحه كل ليلة مستأنسة بالذكرى، مرددة مع أشباح الوحشة ندابات الحزن والأسى، نائحة مع الغصون على صبية كانت بالأمس نغمة شجية بين شفتي الحياة فأصبحت اليوم سراً صامتاً في صدر الأرض.
أستحلفكم يا رفاق الصبا بالنساء اللواتي أحبتهن قلوبكم أن تضعوا أكاليل الأزهار على قبر المرأة التي أحبها قلبي ـ فرب زهرة تلقونها على ضريح منسي تكون كقطرة الندى التي تسكبها أجفان الصباح بين أوراق الورود الذابلة.

- الكآبة الخرساء


أنتم أيها الناس تذكرون فجر الشبيبة فرحين باسترجاع رسومه، متأسفين على انقضائه، أما أنا فأذكره مثلما يذكر الحر المعتوق جدران سجنه وثقل قيوده. أنتم تدعون تلك السنين التي تجيء بين الطفولة والشباب عهداً ذهبياً يهزأ بمتاعب الدهر وهواجسه ويطير مرفرفاً فوق رؤوس المشاعل والهموم مثلما تجتاز النحلة فوق المستنقعات الخبيثة، سائرة نحو البساتين المزهرة، أما أنا فلا أستطيع أن أدعو سني الصبا سوى عهد آلام خفية خرساء كانت تقطن قلبي وتثور كالعواصف في جوانبه، وتتكاثر نامية بنموه ولم تجد منفذاً تنصرف منه إلى عالم المعرفة حتى دخل إليه الحب وفتح أبوابه وأنار زواياه، فالحب قد عتق لساني فتكلمت ومزق أجفاني فبكيت وفتح حنجرتي فتنهدت وشكوت.
أنتم أيها الناس تذكرون الحقول والبساتين والساحات وجوانب الشوارع التي رأت ألعابكم وسمعت همس طهركم، وأنا أيضاً أذكر تلك البقية الجميلة من شمال لبنان، فما أغمضت عينيّ عن هذا المحيط إلا ورأيت تلك الأودية المملوءة سحراً وهيبة، وتلك الجبال المتعالية بالمجد والعظمة نحو العلاء، ولا صممت أذني عن ضجة هذا الاجتماع إلا وسمعت خرير تلك السواقي وحفيف تلك الغصون, ولكن هذه المحاسن التي أذكرها الآن وأشوق إليها شوق الرضيع إلى ذراعي أمه هي التي كانت تعذب روحي المسجونة في ظلمة الحداثة مثلما يتعذب البازي بين قضبان قفصه عندما يرى أسراب البزاة تسبح حرة في الخلاء الوسيع ــ وهي التي كانت تملأ صدري بأوجاع التأمل ومرارة التفكير، وتنسج بأصابع الحيرة والالتباس نقاباً من اليأس والقنوط حول قلبي ــ فلم أذهب إلى البرية إلا وعدت منها كئيباً جاهلاً أسباب الكآبة. ولا نظرت مساء إلى الغيوم المتلونة بأشعة الشمس إلا وشعرت بانقباض متلف ينمو لجهلي معاني الانقباض، ولا سمعت تغريدة الشحرور أو أغنية الغدير إلا وقفت حزيناً لجهلي موجبات الحزن.
يقولون إن الغباوة مهد الخلود والخلود مرقد الراحة ــ وقد يكون ذلك صحيحاً عند الذين يولدون أمواتاً ويعيشون كالأجساد الهامدة الباردة فوق التراب، ولكن إذا كانت الغباوة العمياء قاطنة في جوار العواطف المستيقظة تكون الغباوة أقصى من الهاوية وأمر من الموت. والصبي الحساس الذي يشعر كثيراً ويعرف قليلاً هو أتعس المخلوقات أمام وجه الشمس لأن نفسه تظل واقفة بين قوتين هائلتين متباينتين: قوة خفية تحلق به السحاب وتريه محاسن الكائنات من وراء ضباب الأحلام، وقوة ظاهرة تقيده بالأرض وتغمر بصيرته بالغبار وتتركه ضائعاً خائفاً في ظلمة حالكة.
للكآبة آياد حريرية الملامس، قوية الأعصاب تقبض على القلوب وتؤلمها بالوحدة. فالوحدة حليفة الكآبة كما أنها أليفة كل حركة روحية. ونفس الصبي المنتصبة أمام عوامل الوحدة وتأثيرات الكآبة شبيهة بالزنبقة البيضاء عند خروجها من الكمام ترتعش أمام النسيم، وتفتح قلبها لأشعة الفجر وتضم أوراقها بمرور خيالات المساء، فأن لم يكن للصبي من الملاهي ما يشغل فكرته، ومن الرفاق من يشاركه في الأميال، كانت الحياة أمامه كحبس ضيق لا يرى في جوانبه غير أنوال العناكب ولا يسمع من زواياه سوى دبيب الحشرات.
أما تلك الكآبة التي اتبعت أيام حداثتي فلم تكن ناتجة عن حاجتي إلى الملاهي لأنها كانت متوفرة لدي، ولا عن افتقاري إلى الرفاق لأنني كنت أجدهم أينما ذهبت، بل هي من أعراض علة طبيعية في النفس كانت تحبب إليّ الوحدة والانفراد وتميت في روحي الأميال إلى الملاهي والألعاب، وتخلع عن كتفيّ أجنحة الصبا وتجعلني أمام الوجود كحوض مياه بين الجبال يعكس بهدوئه المحزن رسوم الأشباح وألوان الغيوم وخطوط الأغصان ولكنه لا يجد ممراً يسير فيه جدولاً مترنماً إلى البحر.
هكذا كانت حياتي قبل أن أبلغ الثامنة عشرة، فتلك السنة هي من ماضيّ بمقام القمة من الجبل، لأنها أوقفتني متأملاً تجاه هذا العالم، وأرتني سبل البشر، ومروج أميالهم، وعقبات متاعبهم وكهوف شرائعهم وتقاليدهم.
في تلك السنة ولدت ثانية والمرء إن لم تحبل به الكآبة ويتمحض به اليأس، وتضعه المحبة في مهد الأحلام، تظل حياته كصفحة خالية بيضاء في كتاب الكيان.
في تلك السنة شاهدت ملائكة السماء تنظر إليّ من وراء أجفان امرأة جميلة، وفيها رأيت أبالسة الجحيم يضجون ويتراكضون في صدر رجل مجرم، ومن لا يشاهد الملائكة والشياطين في محاسن الحياة ومكروهاتها يظل قلبه بعيداً عن المعرفة ونفسه فارغة من العواطف.

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
T@MER
ازهري ماشي براحته

ازهري ماشي براحته
avatar


ذكر
عدد المشاركات : 39
العمر : 35
التخصص : لسه ما قررت بس بدرس فرنسي
الهواية المفضلة : كرة السلة
صور بمزاج العمدة : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران About_01
احترامك لقوانين المنتدى : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران 69583210
بلدي : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Palestine
وسام العضو : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران NE405843
جامعة الازهر الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Eywejnrqig6r

نقاط : 43
تاريخ التسجيل : 21/03/2009

الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران   الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Icon_minitimeالأحد مارس 29, 2009 3:23 am

- يد القضاء


كنت في بيروت في ربيع تلك السنة المملوءة بالغرائب وكان نيسان قد أنبت الأزهار والأعشاب فظهرت في بساتين المدينة كأنها أسرار تعلنها الأرض للسماء. وكانت أشجار اللوز والتفاح قد اكتست بحلل بيضاء معطرة فبانت بين المنازل كأنها حوريات بملابس ناصعة قد بعثت بهن الطبيعة عرائس وزوجات لأبناء الشعر والخيال.
الربيع جميل في كل مكان ولكنه أكثر من جميل في سوريا. الربيع روح إله غير معروف تتطوف في الأرض مسرعة. وعندما تبلغ سوريا تسير ببطء متلفتة إلى الوراء مستأنسة بأرواح الملوك والأنبياء الحائمة في الفضاء. مترنمة مع جداول اليهودية بأناشيد سليمان الخالدة. مرددة مع أرز لبنان تذكارات المجد القديم.
وبيروت في الربيع أجمل منها في ما بقي من الفصول. لأنها تخلو فيه من أحوال الشتاء وغبار الصيف وتصبح بين أمطار الأول وحرارة الثاني كصبية حسناء قد اغتسلت بمياه الغدير ثم جلست على ضفته تجفف جسدها بأشعة الشمس.
ففي يوم من تلك الأيام المفعمة بأنفاس نيسان المسكرة وابتساماته المحيية، ذهبت لزيارة صديق يسكن بيتاً بعيداً عن ضجة الاجتماع. وبينما نحن نتحدث راسمين بالكلام خطوط آمالنا وأمانينا دخل علينا شيخ جليل في الخامسة والستين من عمره تدل ملابسه البسيطة وملامحه المتجعدة على الهيبة والوقار، فوقفت احتراماً وقبيل أن أصافحه مسلماً تقدم صديقي وقال "حضرته فارس أفندي كرامة" ثم لفظ اسمي مشفوعاً بكلمة ثناء، فأحدق بي الشيخ هنيهة لامساً بأطراف أصابعه جبهته العالية المكللة بشعر أبيض كالثلج كأنه يريد أن يسترجع إلى ذاكرته صورة شيء قديم مفقود، ثم ابتسم ابتسامة سرور وانعطاف واقترب مني قائلاً "أنت ابن صديق حبيب قديم صرفت ربيع العمر برفقته فما أعظم فرحي بمرآك وكم أنا مشتاق إلى لقاء أبيك بشخصك".
فتأثرت لكلامه وشعرت بجاذب خفي يدنيني إليه بطمأنينة، مثلما تقود الغريزة العصفور إلى وكره قبيل مجيء العاصفة. ولما جلسنا أخذ يقص علينا أحاديث صداقته لوالدي متذكراً أيام الشباب التي صرفها بقربه تالياً على مسامعنا أخبار أعوام قضت فكفنها الدهر بقلبه وقبرها في صدره.. إن الشيوخ يرجعون بالفكر إلى أيام شبابهم رجوع الغريب المشتاق إلى مسقط رأسه ويميل إلى سرد حكايات الصبا ميل الشاعر إلى تنغيم أبلغ قصائده فهم يعيشون بالروح في زوايا الماضي الغابر لأن الحاضر لا يمر بهم ولا يلتفت والمستقبل يبدو لأعينهم متشحاً بضباب الزوال وظلمة القبر.
وبعد ساعة مرت بين الأحاديث والتذكارات مرور ظل الأغصان على الأعشاب، وقف فارس كرامة للانصراف ولما دنوت منه مودعاً أخذ يدي بيمينه ووضع شماله على كتفي قائلاً: "أنا لم أر والدك منذ عشرين سنة ولكنني أرجو أن أستعيض عن بعاده الطويل بزياراتك الكثيرة".
فانحنيت شاكراً واعداً بتتميم ما يجب على الابن نحو صديق أبيه.
ولما خرج فارس كرامة استزدت صاحبي من أخباره فقال بلهجة يساورها التحذر: "لا أعرف رجلاً سواه في بيروت قد جعلته الثروة فاضلاً والفضيلة مثرياً. وهو واحد من القليلين الذين يجيئون هذا العالم ويغادرونه قبل أن يلامسوا بالأذى نفس مخلوق ــ ولكن هؤلاء الرجال يكونون غالباً تعساء مظلومين لأنهم يجهلون سبل الاحتيال التي تنقذهم من مكر الناس وخبثهم. ولفارس كرامة ابنة وحيدة تسكن معه منزلاً فخماً في ضاحية المدينة وهي تشابهه بالأخلاق وليس بين النساء من يماثلها جمالاً وهي أيضاً ستكون تاعسة لأن ثروة والدها الطائلة توقفها الآن على شفير هاوية مظلمة مخيفة".
لفظ صديقي الكلمات الأخيرة وظهرت على محياه لوائح الغم والأسف ثم زاد قائلاً: " فارس كرامة شيخ شريف القلب كريم الصفات ولكنه ضعيف الإرادة يقوده رياء الناس كالأعمى وتوقفه مطامعهم كالأخرس. أما ابنته فتخضع ممتثلة لإرادته الواهنة على رغم كل ما في روحها الكبيرة من القوى والمواهب وهذا هو السر الكريه الكامن وراء حياة الوالد وابنته. وقد فهم هذا السر رجل يأتلف في شخصه الطمع بالرياء والخبث بالدهاء. وهذا الرجل هو مطران تسير قبائحه بظل الإنجيل فتظهر للناس كالفضائل. وهو رئيس دين في بلاد الأديان والمذاهب. تخافه الأرواح والأجساد وتخر لديه ساجدة مثلما تنحني رقاب الأنعام أمام الجزار. ولهذا المطران ابن أخ تتصارع في نفسه عناصر المفاسد والمكاره مثلما تنقلب العقارب والأفاعي على جوانب الكهوف والمستنقعات. وليس بعيداً اليوم الذي ينتصب فيه المطران بملابسه الحبرية جاعلاً ابن أخيه عن يمينه وابنة فارس كرامة عن شماله، رافعاً بيده الأثيمة إكليل الزواج فوق رأسيهما مقيداً بسلاسل التكهين والتعزيم جسداً طاهراً بجيفة منتنة، جامعاً في قبضة الشريعة الفاسدة روحاً سماوية بذات ترابية، واضعاً في صدر الليل.. هذا كل ما أستطيع أن أقوله لك الآن عن فارس كرامة وابنته فلا تسلني أكثر من ذلك لأن ذكر المصيبة يدنيها مثلما يقرب الموت الخوف من الموت.".
وحول صديقي وجهه ونظر من النافذة إلى الفضاء كأنه يبحث عن أسرار الأيام والليالي بين دقائق الأثير.
فقمت إذا ذاك من مكاني ولما أخذت يده مودعاً قلت له: "غداً أزور فارس كرامة قياماً بوعدي له واحتراماً للذكريات التي أبقتها صداقته لوالدي".
فبهت بي الشاب دقيقة وقد تغيرت ملامحه كأن كلماتي القليلة البسيطة قد أوحت إليه فكراً جديداً هائلاً، ثم نظر في عيني نظرة طويلة غريبة ــ نظرة محبة وشفقة وخوف ــ نظرة نبي يرى في أعماق الأرواح ما لا تعرفه الأرواح، ثم ارتعشت شفتاه قليلاً ولكنه لم يقل شيئاً فتركته وسرت نحو الباب بأفكار متضعضعة، وقبيل أن ألتفت إلى الوراء رأيت عينيه ما زالتا تتبعانني بتلك النظرة الغريبة ــ تلك النظرة التي لم أفهم معانيها حتى عتقت نفسي من عالم المقاييس والكمية وطارت إلى مسارح الملأ الأعلى حيث تتفاهم القلوب بالنظرات وتنمو الأرواح بالتفاهم.

سأكملها ان أعجبتكم وان لم تعجبكم الناس أذواق..

بس يا ريت تقرأوها..

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
T@MER
ازهري ماشي براحته

ازهري ماشي براحته
avatar


ذكر
عدد المشاركات : 39
العمر : 35
التخصص : لسه ما قررت بس بدرس فرنسي
الهواية المفضلة : كرة السلة
صور بمزاج العمدة : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران About_01
احترامك لقوانين المنتدى : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران 69583210
بلدي : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Palestine
وسام العضو : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران NE405843
جامعة الازهر الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Eywejnrqig6r

نقاط : 43
تاريخ التسجيل : 21/03/2009

الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران   الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Icon_minitimeالإثنين مارس 30, 2009 8:39 am

اوف جربو وفوتو واقرأو وأعطوني رأيكم أما انكم كسلانين..كل الرواية ما بتاخد أكتر من ساعتين ونص يعني هالجزة ما بياخد نص ساعة .. بس أخ وين احنا وين القراءة
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عاشق الرحيل
۩ஜ۩ امير الملتقى۩ஜ°
۩ஜ۩ امير الملتقى۩ஜ°
عاشق الرحيل


ذكر
عدد المشاركات : 25385
العمر : 33
مكان السكن : هناَكـ حيث راَحه الباَل
التخصص : 0000000
الهواية المفضلة : &*(الزعيـــــمــ الازهر)*&
صور بمزاج العمدة : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Ea45cdc3d2
بلدي : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Palestine
وسام العضو : الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران 12321110
جامعة الازهر الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Eywejnrqig6r

نقاط : 24868
تاريخ التسجيل : 18/12/2008

الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Empty
مُساهمةموضوع: رد: الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران   الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران Icon_minitimeالإثنين مارس 30, 2009 10:16 am

الله يعيطك العافية اخى كريم


يسلمووووووو الايديك
ع معلومات

تقبل مرورى متواضيع

تحياتى نجم الليل
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأجنحة المتكسرة..جبران خليل جبران
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» اقوال وحكم مختارة لجبران خليل جبران
» همسات للنفوس المتكسرة
» خليل شعت عالم ذرة هههه من قلة العلماء
» انباء عن تعيين خليل الحية خلفاً لصيام
» الشهيد القائد المناظل المؤسس المعلم / خليل الوزير " ابا جهاد"

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
ملتقى جامعة الأزهر :: الاقسام الادبية :: ..{ منتدى القصص والروايات ~-
انتقل الى: