أعزائي الأخوة والأخوات الكرام ،،،
لا شك أن جميعنا يعلم أن القرآن الكريم هو كتاب الله المعجز في كل ما ورد فيه.
لقد ذكرت أسماء كثيرة في القرآن الكريم وبما أنها من كلام الله ،،،
فلا بد أن لكل منها حكم وأسرار.
سنتاول في موضوعنا هذا بعض من تلك الأسرار،،،
وجميعها مقتبسة من مدونات لأحد الباحثين المعاصرين وهو الأستاذ بسام جرار
جزاه الله كل خير على كل ما يقدمه لخدمة كتاب الله
سائلين المولى عز وجل أن ينفعنا ويفعكم بما نقرأ ونتعلم ...
=================================
:: أحـــــمــــــــــــــــد ::
بقلم : بسّام جرار
جاء
في عمدة الحفّاظ، للسمين الحلبي، أنّ لفظ ( الاسم ) مشتق من السُّمو، وهذا
قول البصريين. وقيل من الوسم، وهو قول الكوفيين. وعليه فالأصل في الاسم
أنّه رفعة وعلامة. وتستخدم الأسماء لتمييز الذوات عن غيرها، ويغلب أن تشير
الأسماء إلى صفات، ومن هنا يميل الناس إلى اختيار الأسماء ذات الدلالات
الإيجابية، وهم يأملون أن يكون للمرء من اسمه نصيب.
المستقرئ
للقرآن الكريم يجد أنّ الاسم يدل على صفة، وأسماء الله تعالى كلها تدل على
صفاته عزّ وجل. وعليه يكون المعنى في قوله تعالى: " هل تعلمُ له سَميا": أي
هل تعلم له مثيلا في صفاته. وقد أخطأ من ظن أنّ أسماء الله مجرد أعلام،
فقال إنّ معنى " هل تعلمُ له سميا ": أي هل تجد من تسمّى باسمه. وهذا غير
مقبول، لأن هناك من تسمّى برحمن، ورحيم، وكريم...الخ
جاء في
سورة الرعد:" وجعلوا لله شركاء قُل سمّوهم ". يقول السمين الحلبي، في عمدة
الحفاظ:" ليس المعنى أظهروا أساميها فقولوا : اللات، والعزّى، وهبل، ونحو
ذلك، وإنما المعنى أظهروا حقيقة ما يدّعون فيها من الإلهية. وإنكم تَجدون
تحقيق ذلك فيها؟ " ويقول في قوله تعالى: تبارك اسم ربّك: " أي يتزايد خيرهُ
وإنعامه. والمعنى أنّ البركة والنعمة الفائضة في صفاته..."
جاء
في سورة الصف: " ومبشراً برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد...": أي أنّ صفاته،
عليه السلام، تستجلب الحمد في أقوى صوره، وأجلاها، وأفضلها. فهو إذن
يُحمدُ أكثر من غيره، لأن صفاته تجعله يُحمد من الناس أكثر. أمّا ( محمّد)
فدال على كثرة حمد الحامدين إيّاه. وعليه فإذا قصدنا بالاسم الصفة
الذاتيّة، التي تدفع الناس إلى حمده، عليه السلام، فهو (أحمد)، أمّا إذا
نظرنا إلى ردّة فعل الناس عندما يصفونه، عليه السلام، بما يليق بصفاته،
فإنّه يكون عندها محمداً. فهو، عليه السلام، أحمد في ذاته، ومحمّد ومحمودُ
من قبل الناس.
ونقول بعبارة أخرى : المقدّمات الموجودة في ذاته، عليه
السلام، يلخصها اسم أحمد، أمّا النتيجة الموجودة خارج الذات فيعبر عنها اسم
محمد.
لقد اشتهر النبي، صلى الله عليه وسلم، قبل الإسلام
بأنّه الصادق الأمين، وكانت هذه الشهرة نتيجة لما لمسته قريش من صِدقه
وأمانته، عليه السلام، أمّا اليوم، وبعد أكثر من ألفٍ وأربعمائةِ سنة،
فإننا نجد أنّ الشخصية التي تُمتدح أكثر، وذلك لما يتجلى فيها من صفات
حميدة، هي شخصية الرسول، عليه السلام، فهو أحمد من غيره على مدى التاريخ
البشري وإلى يومنا هذا. فتبشير عيسى، عليه السلام، كان برسول يأتي من بعده،
صفته أنّه أحمد من غيره.
بعد كل ما ذكرناه نخلص إلى نتيجة
أنّه لا بد لنا من إعادة النظر في التعامل مع الأسماء القرآنيّة. فهل يجوز
لنا أن نعتبرها مجرد أعلام تخلو من المعاني والأسرار، وعلى وجه الخصوص
عندما تكون التسميات ربانية المصدر؟! انظر قوله تعالى :" اسمه المسيح عيسى
ابن مريم ". ثم انظر قوله تعالى:" إنا نبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من
قبل سميّا " وانظر قوله تعالى:" فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحق يعقوب ".
ويعقوب، عليه السلام، هو أيضاً في القرآن الكريم إسرائيل، كما أنّ يونس،
عليه السلام، هو أيضاً ذو النون، وإدريس، عليه السلام، فيما يرجحه بعض
المفسرين هو إلياس، ومحمد، عليه السلام، هو أحمد.
هذه الأسماء
وغيرها هي كنوز وأسرار، ونحن نهدف، بمثل هذا المقال، إلى لفت الانتباه
إليها، لتصبح في دائرة اهتمام الدارسين، لأننا وجدنا أنّ الكثير من أسرار
هذه الأسماء تتجلّى عند التحقق والمتابعة. ولا بأس بالرجوع إلى اللغات
السّاميّة، بعيداً عن علماء التوراة والكتاب المقدس، الذين يُطوّعون اللغة
لتوافق تصوّرات كَتبة أسفار العهد القديم، حتى عندما يجمح بهم خيال
الأسطورة.
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا
:: سليمــان عليه الســلام::
بقلم : بسّام جرار
تكرر
اسم سليمان، عليه السّلام، في القرآن الكريم 17 مرّة، واللافت للانتباه
أنّ القرآن الكريم لم ينص على أية علاقة لسليمان، عليه السلام، ببني
إسرائيل، ولا بد من دلالة لهذا السكوت !!!!!!!!!
نعم،
فالقرآن الكريم قد نصّ على نبوة سليمان، عليه السلام، وكونه ملكا، ولكنه لم
يذكر شيئاً عن قومه، ولا عن الأقوام والأمم التي تبعته وآمنت به، عليه
السلام، وانضوت تحت لوائه، فكانت من رعاياه. بل إنّ في قصة ملكة سبأ لدلالة
واضحة على اتساع ملكه وتعدد الأمم التي استجابت لدعوته. فلم يكن، عليه
السلام، ملكاً لليهود، كما يعتقد الكثير من الناس متأثرين في ذلك بكتب
العهد القديم.
ورد ذكر سليمان، عليه السلام، باستفاضة في
سفر الملوك الأول، والذي يقال إنه قد دوّن في القرن السادس قبل الميلاد، في
حين يقال إنّ سليمان، عليه السلام، قد مات في القرن العاشر قبل الميلاد.
ووردت قصته مفصلة أيضاً في سفر أخبار الأيام الثاني، والذي يقال إنّه قد
دوّن في القرن الخامس قبل الميلاد. ولا يستطيع المسلم أن يصدّق الكثير مما
ورد في هذه الأسفار؛ فصورة سليمان، عليه السلام، في القرآن الكريم في غاية
السمو والجمال، أمّا هذه الأسفار فتزعم أنه - وحاشاه- قد عبد الأصنام
إرضاءً لزوجاته الوثنيّات.
انظر هذا النص من سفر الملوك
الأول: " فغضب الربُّ على سليمان، لأنّ قلبه ضلّ عنه، مع أنّه تجلّى له
مرتين، ونهاه عن الغواية وراء آلهة أخرى، فلم يطع وصيته، لهذا قال الله
لسليمان: لأنّّك انحرفت عني ونكثت عهدي، ولم تطع فرائضي التي أوصيتك بها،
فإني حتماً أمزّق أوصال مملكتك، وأعطيها لأحد عبيدك، إلا أنني لا أفعل هذا
في أيّامك …" أمّا صورته عليه السلام في القرآن الكريم فيكفيك ما جاء في
سورة ص: " ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إنّه أوّاب ".
يبدو
أنّ ملك سليمان، عليه السلام، كان يشمل عدداّ من الأمم التي اتبعت دينه
الحق، وانضوت تحت لوائه، وهذا ما جعل المنحرفين من بني إسرائيل يحقدون على
هذا النبي الصالح، لأنهم يريدونها مملكة عنصرية، تجعل من اليهود سادة
يُسخّرون الشعوب لخدمتهم، ثم هم يريدونها يهوديّة تتناقض مع نبوة سليمان
وإسلامه لله: " وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين ".فليس غريباً إذن أن
يشوّه اليهود سيرة هذا النبي الصالح، ويصبّوا عليه جام غضبهم، حتى عندما
كتبوا قصّته بعد وفاته بخمسمائة سنة.
ومن يتدبر النص الذي
اقتبسناه من سفر الملوك الأول يلاحظ أنّهم يحقدون عليه وينقمون من فترة
ملكه، ويجعلون الرّب غاضباً منه، ومقرراً أن يدمّر هذا الملك. وإذا صحّ ما
ورد في أخبار الملوك الثاني فإن الأمر يصبح واضحاً؛ فهذا سليمان، عليه
السلام، قد أذلهم، وكذلك فعل ابنه رَحُبعام من بعده. ويصبح الأمر أشدّ
وضوحاً عندما نعلم أنّهم قد شقّوا الدولة بعد وفاته، عليه السلام، بأيّام.
تدبّر
هذا النص الوارد في أخبار الملوك الثاني، والذي إن صحّ يكون دليلاً آخر
على أنّ سليمان، عليه السلام، لم يكن ملكاً لليهود فقط، بل هو نبي صالح
وملك عادل، يحارب العنصريّة ويقمع المنحرفين: " فجاء يربعام وكل جماعة
إسرائيل وقالوا لرحبعام بن سليمان: إنّ أباك قد أثقل النّير علينا، فخفف
أنت الآن من عبء عبودية أبيك وثقل نيره الذي وضعه علينا فنخدمك. فأجابهم
بعد أيّام قائلاً: أبي أثقل عليكم النير وأنا أزيد عليه. أبي أدّبكم
بالسياط وأنا أؤدّبكم بالعقارب".
فكان أن تمرّدوا، وشقّوا
عصا الطاعة، وشقّوا الدولة. ويبدو أنّ ذلك كان بداية فسادهم وعلوهم،
المنصوص عليه في القرآن الكريم: " لتُفسِدُنّ في الأرض مرّتين...". فقد
أرادوها عنصريّة غاشمة، ويهوديّة متسلطة، وكان منهم ما أرادوا، فتحقق فيهم
وعد الله الأول. وفي القرن العشرين كان مكرهم الثاني، ولا يحيق المكر السيئ
إلا بأهله.
نسأل الله ان ينفعنا بما علمنا
دمتم في حفظ الرحمن