يدعي مصعب حسن يوسف أنه
مسؤول عن إنقاذ والده، القيادي في حركة حماس حسن يوسف المعتقل لدى
إسرائيل، من الموت، على الرغم من إعلانه خيانة حماس والعمل لصالح
المخابرات الإسرائيلية الداخلية «الشاباك». وعلى الرغم من أن السلطات
الإسرائيلية ترفض تأكيد رواية يوسف الابن، فإن تصريحاته خلال الأيام
الماضية وتبرؤ والده منه أحدثت ضجة سياسية وإعلامية.
ويتحرك يوسف مع حراسة خاصة في نيويورك حيث يجري لقاءات
إعلامية للترويج لكتابه الجديد «ابن حماس» الذي يسرد فيه تعامله مع
«الشاباك». وأجرى حوارا مطولا مع قناة «سي إن إن» مساء الثلاثاء الماضي
قبل أن يبدأ سلسلة من اللقاءات الإعلامية التي تم الترتيب لها في الولايات
المتحدة حيث يقيم يوسف منذ 4 سنوات.
يذكر أن الشيخ حسن يوسف، المعتقل، تبرأ من نجله وأكدت
العائلة مقاطعته. وادعى يوسف الابن أنه أنقذ حياة والده، «نعم ساهمت في
اعتقاله ولكني أنقذت حياته»، مضيفا «والدي الذي يتبرأ مني الآن على قيد
الحياة بسببي». وتابع: «لا أشعر بالذنب ولن أشعر بالذنب»، موضحا أنه كتب
الكتاب ويتحدث عن هذه التفاصيل «لأنني أريد من الناس أن يروا الأمور من كل
الجوانب».
وخصصت «سي إن إن» حلقة ثانية لمناقشة قضية مصعب يوسف
أمس، حيث استضافت الناطق باسم حماس أسامة حمدان الذي اعتبر أن
«الإسرائيليين أصدروا هذا الكتاب كنوع من الترويج الكاذب». وأضاف حمدان من
دمشق: «عندما تقولون إنه كان يعمل لصالح أعدائه، ذلك يعني أنه يكذب على
ناسه، ونتوقع أن هناك أكاذيب كبيرة في هذا الكتاب». ودان حمدان تصريحات
يوسف وكتابه، قائلا: إنه «يعمل لصالح الأعداء الذين يقتلون شعبه ويعتقلون
والده ويحتلون بلده». ورد يوسف الابن على هذه التصريحات قائلا: «أنا الذي
أبلغت حماس بأنني قلت لـ«الشاباك» بأنني سأعمل معهم، فهم لم يكتشفوا ذلك،
موضحا: «كان (الشاباك) يعمل لأجندتي ووضعت شروطي لأنهم كانوا يحتاجونني».
وتابع أن «الشاباك غاضب علي الآن ولم يريدوا أن أصدر هذا الكتاب الذي لم
يعرفوا عنه مسبقا حتى اللحظة الأخيرة».
وروى يوسف الابن، وعمره الآن 32 عاما، كيف تم تجنيده
للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية بعد اعتقاله عام 1996. وأضاف: «هدفي
حينها أن أكون عميلا مزدوجا، وأن أستهدفه من الداخل»، موضحا: «بعد أن
عذبوني (في المعتقل)، وهم الذين أصبحوا أصدقائي بعدها، نقلت إلى سجن مخصص
لحماس حيث كان قياديون من حماس يعذبون أعضاء من حماس». وقال إن أحد
الأسباب التي أدت إلى عمله لصالح إسرائيل كانت عدم معرفته من هو العدو «إذ
كان الكل يعذب الكل»، مضيفا: «بعد أن خرجت من السجن قررت أنني لا أريد أن
أعمل لصالح أي طرف، لا لحماس ولا للشاباك» إلا أنه قرر لقاء عناصر من
الشاباك لـ«إنهاء القضية» باحترام على حد قوله، وبدأ يجمع المعلومات كي لا
يظهر أنه تخلى عن المهمة التي التزم بها معهم.
ويقول يوسف إن اعتناقه الديانة المسيحية جعلته «يحب
العدو» ويحاول فهمه، وإن تخليه عن الدين الإسلامي لعب دورا في تعامله مع
«الشاباك» الذي قال إنه يحترم طريقة عملهم و«احترامهم للقوانين». وبينما
أقر يوسف أن «عناصر الشاباك يرتكبون أخطاء ويقتلون مدنيين، لكنهم غير
متعطشين لقتل الفلسطينيين». وتهجم يوسف على حماس، قائلا: إنها تستهدف
المدنيين، وتقتلهم.
وتثار أسئلة كثيرة حول مصداقية الكتاب والادعاءات التي
يطلقها يوسف، خاصة حول أهمية دوره بالنسبة للإسرائيليين. وقالت «سي إن إن»
إن المعلومات التي حصلت عليها تشير إلى أن يوسف انضم إلى «الشاباك» ولكنه
يبالغ بأهمية دوره وعلاقاته.
وقال مصعب، الذي اعتقله الإسرائيليون أول مرة عندما
كان عمره 10 سنوات، إن «كل طفل (فلسطيني) يحلم بأن يكون مجاهدا»، مضيفا
أنه كان أحد أطفال الحجارة في الانتفاضة الفلسطينية الأولى التي اندلعت
وعمره 9 سنوات. وقال إنه خلال طفولته تعرض للخطف والاعتداء من قبل
المستوطنين.وبالإضافة إلى انتقاده لحماس، يوجه يوسف انتقادات مسيئة
للإسلام، قائلا إن الدين الإسلامي «ليس دين سلام» كما يسيء إلى الرسول صلى
الله عليه وسلم حسب ما جاء في وكالة «أسوشييتد برس». وكرر يوسف خلال
مقابلته مع «سي إن إن» الإساءة إلى الدين الإسلامي، قائلا إنه وراء أفكار
«الإرهابيين»، موضحا أنه اعتنق الدين المسيحي عام 2005. وقال إن «المشكلة
هي في القرآن الذي يقرأه المسلمون المعتدلون والمتطرفون»، مضيفا بأنه يعرف
الإسلام مما يسمح له بانتقاده.
وادعى يوسف أنه خلال 10 سنوات من العمل لصالح
المخابرات الإسرائيلية وإعطائهم معلومات عن حماس وعن الانتحاريين، لم يكن
مسؤولا عن قتل أي منهم. وقال: «خلال 10 سنوات، لم أكن مسؤولا عن قتل أي
إرهابي وذلك لأنني أهتم بشعبي، ولأنني اكتشفت بأن مشكلتنا ليست مع
الإرهابيين، بل مع معتقداتهم». وأضاف أنه يعتقد أن النزاع في المنطقة هو
نزاع ديني.
وتحدث يوسف مع وكالة «أسوشييتد برس» أيضا عن استهدافه
بسبب خيانته لحماس. وقال: «القتل ليس أسوأ شيء ممكن أن يحدث، إذا يريدون
قتلي، ليفعلوا ذلك، وسيكونون مسوؤلين عن دمي».
وردا على سؤال لتلفزيون «بي بي سي» البريطاني حول ما
إذا كان يعتبر والده «إرهابيا»، قال يوسف: «هو لا ينظر إلى نفسه هكذا،
ولكن بموجب أفعاله هو إرهابي». وحول أسباب تخليه عن عائلته، قال يوسف إنها
كثيرة، موضحا «لهذا السبب كتبت كتاب ابن حماس، كانت عملية طويلة، ولم يكن
قرارا بين ليلة وضحاها».