أكد الرئيس حسنى مبارك أن أول التحديات والأولويات التى تواجه مصر حاليا هى ضمان السلامة والأمن فى بيئة إقليمية تزخر بالأزمات والتهديدات والمخاطر..وأن نضمن الأمن القومى المصرى..وأن نتعامل مع تحديات محيط إقليمى ودولى أكثر إضطرابا وأقل أمنا وإستقرارا..وقال أن معيار النجاح هو الحفاظ على أمن الوطن والمواطن وحماية الوحدة الوطنية وترسيخ الشعور بالأمان والعدل وسيادة القانون.
واضاف الرئيس مبارك فى حديث لمجلة الشرطة بعددها الأخير بمناسبة عيد الشرطة أن الشرطة المصرية حققت إنجازات عديدة فى تطوير كافة مجالات العمل الأمنى .. مؤكدا أن الأمن فى شقيه السياسى والجنائى يسعى فى النهاية لتحقيق الإستقرار والأمان للمجتمع ولمكافحة الجريمة بكافة أشكالها لتوفير البيئة الأمنية المواتية للعمل والإستقرار وتحقيق النمو الإقتصادى والتقدم.
كما أكد الرئيس مبارك -من جديد- أن مصر إنطلاقا من تحقيق أمنها القومى ترفض أى وجود أجنبى فوق أرضها مهما كانت المبررات والذرائع .. وذلك ردا على مطالبة البعض بنشر مراقبين على حدودنا مع قطاع غزة فى أعقاب العدوان الإسرائيلى الأخير.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية أكد الرئيس مبارك فى حديثه أن الإنقسام الفلسطينى- هو الذى أدى الى العدوان على غزة مؤخرا وألحق بأهاليها آلاما ومعاناة هزت قلوبنا جميعا.. وأضاف أن الإنقسام أدى كذلك الى إضعاف القضية الفلسطينية .. ودعا فى هذا الصدد إلى ضرورة تجاوز هذا الإنقسام لان إستمراره خصم أكيد من رصيد القضية برمتها.
وفى ختام حديثه أكد الرئيس مبارك أن الشعب المصرى بمسلمية وأقباطه يتمتع بالفطنة والوعى وأن اجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن مصر واعية تماما لمحاولات النيل من الوحدة الوطنية وتسارع لقطع الطريق على قوى التحريض الطائفى من الجانبين.
وفيما يلى نص حديث الرئيس حسنى مبارك لمجلة الشرطة
- الشرطة:ماهى إنطباعات سيادتكم عن ذكرى " 25 يناير عام 1952" الذى تتخذه هيئة الشرطة موعدا للاحتفال بعيدها السنوى ؟
الرئيس : تاريخ مصر سيحفظ - دائما هذا الموقف الوطنى البطولى بكل معانيه ودلالاته ودروسه عندما دافع رجال الشرطة عن كرامة الوطن وعزته وكبريائه وابوا أن ينحنوا أويسلموا بنادقهم لقوات الإحتلال، وإختاروا أن يدفعوا أرواحهم تعبيرا عن صمود وطن كامل ، وأن يضحوا بحياتهم كرمز لرفض شعبنا للاحتلال .
إن الفاصل بين 25 يناير عام 1952 ويوم 23 يوليو من العام ذاته لم يكن سوى لحظات قصار من عمر التاريخ وكانت بطولة رجال الشرطة فى الإسماعيلية بعضا من مقدماته.
الشرطة : ينتظر رجال الشرطة المصرية بعقيدتهم الوطنية الخالصة وإنحيازهم الكامل للشرعية ، فى مثل هذا الوقت عاما بعد عام أن يستمعوا لتقديركم للموقف الراهن داخليا وإقليميا ودوليا ..كيف ترون سيادتكم أهم التحديات وأولويات المهام والواجبات الملقاه على عاتقهم فى إطار الإستراتيجية العليا للعمل الوطنى ؟
الرئيس : هناك العديد من التحديات والأولويات تواجه شعبنا وتلقى علينا جميعا مسئولية مشتركة بما فى ذلك رجال الشرطة بإعتبارهم أبناء مخلصين لهذا الشعب.
أولا:عليناأن نضمن لمصر السلامة والأمن فى بيئة إقليمية تزخر بالأزمات والتهديدات والمخاطر.
ثانيا : وعلينا أن نضمن الأمن القومى لمصر فى بيئة دولية أصبحت فى عصر العولمة أكثر يدرة على تصدير عوامل عدم الأستقرار إلى الداخل الوطنى ءواء كنا نتحدث فى المجال السياسى أوالإستراتيجى أو الإقتصادى أو الإجتماعى أو الثقافى .
ثالثا : علينا - إذن - أن نتعامل مع تحديات محيط إقليمى ودولى أكثر اضطرابا ، وأقل أمنا وإستقرارا وأن نمضى فى المزيد من النمو الإقتصادى والتتنمية وأن نحفظ فى الوقت ذاته لمصر تماسكها الداخلى ، ودورها الإقليمى ، ومكانتها الدولية .
وأضاف السيدالرئيس قائلا :الإستراتيجية الوطنية العليا للدولة تحدد معالم تحقيق هذه الأهداف على نحو تلتزم به كافة إستراتيجيات العمل الوطنى فى ميادينه المختلفة والمتعددة بما فى ذلك إستراتيجية العمل الأمنى .
لقد واجهت الشرطة المصرية تحدى الإرهاب ، وكانت تضحياتها الهائلة ناطقة بعزمها على التصدى لهذه الظاهرة والنجاح فى هزيمتها وإقتلاعها من جذورها وبرغم ما حققته مؤسساتنا الأمنية من نجاح كبير فإن قوى الإرهاب لاتزال تتربص بنا وينبغى أن تظل محل رصد ومواجهة بعيون يقظة وسواعد واثقة.
وأضاف السيد الرئيس قائلا : كما حققت الشرطة المصرية نجاحا مماثلا فى مواجهة تحدى التطوير والتحديث لملاحقة ما لحق بالجريمة ذاتها من تطوير وتحديث ، وقد حققت وزارة الداخلية بالفعل إنجازات عديدة فى تطوير كافة مجالات العمل الأمنى ، لبناء شرطة مصرية عصرية ، لكن عملية التطوير والتحديث لابد أن تستمر وأن تعزز الملاحقة الحاسمة للجريمة ، وأن تعزز فى الوقت ذاته إحترام الحريات والحقوق المدنية للمواطنين .
وفى السعى لتنفيذ الإستراتيجية الأمنية لجهاز الشرطة ، واجه رجالها ظواهر مستجدة ،والعديد من الأزمات الوافدة الينا من الخارج والأزمات المفتعلة ، ولقد أظهرت فى التعامل معها حسا أمنيا وطنيا عاليا .. وهذه الظواهر بأبعادها الإقتصادية والإجتماعية والإعلامية لن تتوقف عن محاولة تصدير الأزمات إلى الداخل الوطنى لخلق تناقضات مفتعلة وتأليب الداخل المصرى على نفسه وإشاعة الفتن فى الكيان الوطنى الواحد وهوأمر ينغى أن يكون محل إستعداد دائم ومتابعة ومواجهة حاسمة فى إطار القانون .
ويظل معيار النجاح هو الحفاظ على أمن الوطن والمواطن ، وحماية الوحدة الوطنية ، وترسيخ الشعور بالأمان والعدل وسيادة القانون .
مجلة الشرطة : تؤكدون - دائما - ياسيادة الرئيس أن الأمن القومى المصرى هو واجبكم المقدس الذى يحظى بالأولوية المطلقة .. لقد واجهتم بالتأكيد مواقف صعبة ، تمسكتم فيها بالكبرياء الوطنى .. حفاظا على السيادة الوطنية .. إننا تواقون إلى أن نعرف المزيد عن هذه المواقف ومشاعركم خلالها؟
- الرئيس : مصر لم تمارس فى تاريخها دور الدولة المعتدية أو القوة الطامعة ، فلم تحمل السلاح إلا لتحرير أرض أو لرد غاصب أو لحماية السلام .. وأمن مصر القومى هو مفهوم شامل يرتبط بالدفاع عن أرضها وسيادتها وإستقلال إرادتها ومصالحها العليا ومصالح شعبها.
نعم ..الأمن القومى لمصر، هو واجبى المقدس الذى يحظى بالأولوية المطلقة ، وهو منذ أن تحملت المسئولية شغلى الشاغل ، وكما ذكرت فى كلمتى أمام الجلسة المشتركة لمجلسى الشعب والشورى شهر نوفمبر الماضى .. فقد رفضت محاولات عديدة ومتكررة للحصول على موطىء قدم أجنبيه فوق أرض مصر تحت ذرائع ومبررات مختلفة..بما فى ذلك ما حدث بعد العدوان الإسرائيلى الأخير على " غزة" ومطالبة البعض بنشر مراقبين على حدودنا مع القطاع .. وكان موقفى واضحا ومعلنا بأننى كرئيس للجمهورية لن أقبل أبدا بتواجد لمراقبين أجانب على أرض مصرأيا كانت المبررات والذرائع .
- الشرطة :لقد إتسعت دوائر الأعمال الإرهابية فى العالم ،كما تطورت أدوات الإرهاب وأساليبه وأسلحته.. لقد قدمت ياسيادة الرئيس رؤية مبكرة للعلاج والحل والمواجهة أثبتت الأحداث الدامية أنها الأنضج والأصلح ، وهى صيغة المؤتمر الدولى لمكافحة الإرهاب،ألا ترون سيادة الرئيس أن المناخ الدولى أصبح مؤهلا أكثر من ذى قبل لقبول وإعتماد هذه الرؤية والسعى إلى تحقيقها ؟
- الرئيس : لقد طرحت الدعوة للمؤتمر الدولى تحت رعاية الأمم المتحدة منذ الثمانينيات وقبل أن يتحول الإرهاب لظاهرة عالمية ، وقد أثبتت التطورات اللاحقة أن هذا المقترح هو الأسلوب الأمثل للتصدى لهذه الظاهرة وجذورها وسبل مواجهتها .. فهو يضع مسئولية مكافحة الإرهاب على جميع الدول دون إستثناء فى إطار توافق دولى بأعتبار ان الإرهاب أصبح ظاهرة عالمية .. تقتضى تحركا عالميا مشتركا لمواجهة مخاطرها وتهديداتها .
والمشكلة أن القوى الكبرى عارضت عقد هذا المؤتمر الدولى تحسبا من الخلاف حول تعريف الإرهاب والتفرقة . التى تمسكت مصر والعديد من الدول بها - بين الإرهاب وحق الشعوب فى مقاومة الإحتلال.. والتمسك المماثل بأن يتناول المؤتمر الدولى المقترح " إرهاب الدولة " وليس إرهاب الأفراد والجماعات الإرهابية فحسب .
الشرطة : ماتزال القضية الفلسطينية حية فى قلب مصر شعبا وقيادة على نحو ما أوضحه التفاعل الرسمى والشعبى مع مأساة (غزة).. كيف ترون آفاق السلام فى المستقبل القريب؟. وماهى رؤيتكم لتحقيق سلام شامل ودائم وعادل فى الشرق الاوسط، وماهى المعوقات الحقيقية لتجسيده على أرض الواقع؟
الرئيس:الإنقسام الفلسطينى أدى للعدوان على (غزة) وألحق بأهاليها آلاما ومعاناة هزت قلوبنا جميعا.. والإنقسام أدى - كذلك - لإضعاف القضية الفلسطينية وهى جوهر الصراع فى الشرق الاوسط ، وهذه المنطقة الصعبة لن تنعم بالسلام وبالأمن ولن تتخلص من شرور الإرهاب، دون أن يحصل الشعب الفلسطينى على حقوقه المشروعة.
وأضاف السيدالرئيس : سعينا - دائما - الى أن يتفهم العالم أن هذه الحقوق المشروعة لايمكن تطويقها بالحديد والنار بل على العكس ، فإن الإمعان فى إستخدام القوة المسلحة والعقاب الجماعى وإستخدام وسائل الإكراه السياسى والاقتصادى ، يسهم فى تصعيد الموقف فى حلقة مفرغة من العنف والعنف المضاد وإراقة الدماء.. على نحو ماحدث فى (غزة).
والانقسام الفلسطينى ، لابد من تجاوزه فى أسرع وقت ، لان تكلفة إستمراره لن تكون سوى خصم أكيد من رصيد القضية، ماديا ومعنويا، داخليا وخارجيا،إقليميا ودوليا، وهذه مسئولية ينبغى أن تظل فوق مصالح الفصائل الفلسطينية.
واضاف الرئيس إن الجهد المصرى لم يتوقف فى هذا الإتجاه ولكنه يحتاج من الجميع الى المرونة والإيمان بخطورة إستمرار الإنقسام الحالى.. وآمل أن يؤدى إجتماع القاهرة الشهر المقبل لتحقيق إختراق حقيقى يتوج الجهود التى تابعتها مصر دون توقف قبل العدوان على غزة وفى أعقابه ويعيد مفاوضات السلام حول قضايا الوضع النهائى الى مسارها وصولا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وفق تسوية للسلام العادل فى إطار مبادرة السلام العربية والشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة وأسس ومبادىء عملية السلام التى أرسيناها بمؤتمر (مدريد).. وفى مقدمتها مبدأ الأرض مقابل السلام
مجلةالشرطة : تعددت زياراتكم الخارجية بين قارات الدنيا جنوبا وغربا وشرقا، ونعرف ياسيادة الرئيس أنها زيارات عمل شاقة على النفس والبدن، كيف تتحملون هذه الأعباء رغم إزدحام برنامج عملكم اليومى على أرض الوطن؟.
الرئيس :أنا لاأقوم بزيارة خارجية إلا سعيا لهدف يحقق مصلحة مصر وشعبها..وأركز -دائما - على النتائج المتوقعة من أى زيارة خارجية خاصة فيما يتعلق بالمردود الاقتصادى والتجارى وفتح الاسواق لصادراتنا وزيادة الاستثمارات لمزيد من المشروعات وإتاحة فرص العمل، هذا بالإضافة للمردود السياسى دعما لمواقفنا ، خاصة مع تعدد الازمات المتلاحقة على المستويين الاقليمى والدولى.. وإنعكاساتها على الداخل المصرى والمنطقة العربية.
إننا نريد أن نحقق أفضل صيغة للاستقرار الإقليمى ، وللتعاون الثنائى على قاعدة المصالح المشتركة بين مصر وكافة دول العالم.
الشرطة : هناك رئيس أمريكى جديد وإدارة أمريكية جديدة.. ماذا يأمل الرئيس مبارك من هذه الإدارة الأمريكية الجديدة خاصة على صعيد الوضع الاقليمى والوطنى العربى بقضاياه ومصالحه وأزماته؟.
الرئيس : قلت للرئيس أوباما عندما إتصل بى فى اليوم التالى لتنصيبه إن القضية الفلسطينية لا تحتمل التأجيل وإن معاناة الشعب الفلسطينى لايمكن أن تستمر.. وأن تطلعه لإنهاء الاحتلال وإقامة دولته المستقلة لا يحتمل المزيد من الإنتظار.
وأضاف السيد الرئيس : وعاودت تأكيد كل ذلك عندما إتصلت بى وزيرة الخارجية الأمريكية ومع المبعوث الأمريكى الجديد للشرق الاوسط ( جورج ميتشيل) عندما إستقبلته مؤخرا بالقاهرة.. وسوف نتابع إتصالاتنا بالإدارة الامريكية وباقى أطراف الرباعية الدولية وهم ":الاتحاد الاوروبى وروسيا والأمم المتحدة من أجل تحقيق تطلعات الشعب الفلسطينى ولاعادة جهود السلام الى مسارها.. لكن الأولوية الآن لتثبيت التهدئة فى غزة وفتح معابرها ورفح حصارها وإعادة إعمار ما دمره العدوان الاسرائيلى.. ونأمل أن تتحقق المصالحة الفلسطينية بما يهيىء الأجواء للعودة لمفاوضات السلام على أرضية صلبة تكفل نجاحها فى التوصل لسلام عادل ومشرف.
مجلة الشرطة : لقد أكدتم أن تداعيات الأزمة المالية العالمية سوف تطول جميع دول العالم بدرجة أو بأخرى .. ماهى ياسيادة الرئيس أهم الدروس التى يمكن إستخلاصها من هذه الأزمة وتداعياتها الحالية والمستقبلية؟. وكيف يمكن الإستفادة من هذه الدروس على الصعيد الوطنى ، واستثمارها على صعيد العلاقات الإقتصادية العربية العربية ؟ الرئيس : نعم ..أكدت منذ بداية الأزمة أن تداعياتها سوف تطول جميع الدول بدرجة أو بأخرى..فأسلوبى - دائما - هو المصارحة دون تهويل أو تهوين.
إن إقتصاد العالم دخل مرحلة ركود .. ونحن تحركنا منذ بداية الأزمة للخروج منها بأقل خسائر ممكنة على إقتصادنا وصادراتنا والسياحة الوافدة إلينا وإيرادات السفن العابرة لقناة السويس.
واضاف السيد الرئيس : والحقيقة أن جانبا كبيرا من إستفحال الأزمة ووصولها الى الحالة الراهنة ، بتداعياتها من إفلاس وبطالة وإنهيار مؤسسات كبرى مالية وصناعية وإعلامية فى عدد من الدول المتقدمة ، إنما يرجع أساسا لأخطاء جسيمة فى السياسات المالية والنقدية لهذه الدول، والتغاضى عن أخطاء بنوك ومؤسسات كبيرة للائتمان والتمويل..جرى تغطيتها بحلول جزئية،أسهمت فى مضاعفة آثارها وتفاقم المخاوف وفقدان للثقة فى أسواق المال والائتمان ، الأزمة الراهنة أثبتت للدول الكبرى ضرورة الموازنة بين مصالح رأس المال ومصالح القاعدة الإجتماعية العريضة وبين حقوق الدولة كحارسة للمجتمع بأسره وبين مصالح الأفراد ، إضافة إلى ضرورة تحقيق التوازن بين مصالح الدول الكبرى والدول النامية.. فليس من المعقول أوالمقبول أن تتحمل الدول النامية فاتورة أخطاء النظام الإقتصادى والمالى الراهن على المستوى الدولى، وأن تعانى من أزمات صنعتها الدول الصناعية الكبرى.
وأضاف السيد الرئيس قائلا : إستثمار هذا على صعيد العلاقات العربية العربية ممكن بل وضرورى .. فالبيئة الإستثمارية فى مصر - على سبيل المثال - جاهزة لإستقبال آية إستثمارات عربية تبحث عن عوائد مضمونة فى بيئة آمنة ومستقرة أصبح توفرها فى دول أخرى أكثر صعوبة وأقل أمنا وضمانا.. وهذا ماطرحته مصر بالفعل بقمة الكويت الإقتصادية. وأعتقد أن الفرصة مواتية لرؤوس الأموال العربية لأن تستثمر داخل حدودها القومية دون أن تتعرض لمخاطر التآكل والضياع، وهى فرصة يجب الإقدام عليها دون تردد أو تأخير.
مجلة الشرطة : تتعالى أصوات المبشرين بالحرية والعدل وحقوق الإنسان ، فى الوقت الذى تضيع فيه حقوق الشعب الفلسطينى .. كيف ترون هذه الإزدواجية الواضحة فى تطبيق هذه القيم الإنسانية، والمعايير القانونية؟.
الرئيس : الإعلان العالمى لحقوق الإنسان ومواثيق الأمم المتحدة المتفرعة عنه على إمتداد ستين عاما، أكدت حق تقرير المصير للدول والشعوب، لكن هذا الحق الثابت لم يوضع موضع التطبيق العملى إلا بشكل إنتقائى ، وأوضح دليل على ذلك القضية الفلسطينية ذاتها رغم كل ما صدر بشأنها من قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة.
وهذه الإنتقائية فى تناول قضايا حقوق الإنسان لا تقتصر على القضية الفلسطينية وحدها.. فقد صدر عام 1966 العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولى للحقوق الإجتماعية والإقتصادية والثقافية ، كما صدرت عن الأمم المتحدة عام 1986 "إعلان الحق فى التنمية.. وللأسف فإن تركيز الدول المتقدمة ينصرف للعهد الدولى للحقوق السياسية والمدنية ، ويتجاهل العهد الدولى الآخر الصادر معه فى العام ذاته بما نص عليه من حقوق إقتصادية فى مقدمتها الحق فى التنمية.
واشار السيد الرئيس إلى أن مصر إنضمت لكافة مواثيق حقوق الإنسان ومع القيم والمبادىء الأساسية التى نصت عليها لأنها موجودة بالفعل فى تراثنا وثقافتنا وقيمنا الدينية والإنسانية التى نصت عليها لأنها موجودة بالفعل فى تراثنا وثقافتنا وقيمنا الدينية والإنسانية ، ولكننا لسنا مع إزدواجية المعايير أو تجاهل حقوق الإنسان الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتنموية لحساب الحقوق المدنية والسياسية ، كما أننا نعارض إستخدام حقوق الإنسان سلاحا للاملاءات والمشروطيات وأداة للضغط على الدول.. وندعو لتطبيقها دون تسييس أو إنتقائية أو إزدواج فى المعايير .. كما نتمسك بأن تصل بما تدعو إليه من قيم العدل والحرية للشعب الفلسطينى دون تأخير.
مجلةالشرطة : ماتزال قوى التطرف تحاول بين آونة وأخرى إشعال الفتنة الطائفية فى مصر ، هذا الوطن الذى عاش - عبر تاريخه القديم والحديث - فوق قاعدة راسخة من الوحدة الوطنية .. ماهى الرسالة التى توجهونها سيادتكم إلى المصريين ، مسلمين وأقباطا فى هذا السياق ؟
-الرئيس : مصر أول دولة قومية فى التاريخ وظلت كيانا سياسيا قويا قائما منذ ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وحتى اليوم ، ومحاولات النيل من الوحدة الوطنية على أساس طائفى محكوم عليها مقدما بالفشل .. كل الكتاب والمستشرقين الذين زاروا مصر على إمتداد أزمنة مختلفة ومتباينة من تاريخها ، أكدوا أنه لاتمييز بين المسلم والقبطى فى مصر إلا فى لحظة توجه كل منهما إلى دار العبادة الخاصة به .. المسلم لمسجده والقبطى لكنيسته .
وعلينا أن نتساءل لماذا كلما تسارعت خطى مصر نحو حياة أفضل لشعبها وكلما تمسكت بسيادتها الوطنية وبمواقفها من قضايا أمتها ، ظهرت هذه المحاولات لإثارة الفتنة بين المسلمين والأقباط ؟
وعلى كل حال .. شعبنا بمسلميه وأقباطه يتمتع بالفطنة والوعى .. وأجهزتنا الأمنية الساهرة على أمن مصر والمصريين واعية - تماما - لهذه المحاولات ، وتسارع لقطع الطريق على قوى التحريض الطائفى من الجانبين.
-مجلة الشرطة :فى نهاية الحوار لايسعنا إلا أن نوجه الشكر لسيادتكم بأسم هيئة الشرطة بصفة عا